البدعة
تعرّف
البدعة لغةً بما استُحدث في الدين وغيره،
[١] وأمّا تعريف البدعة اصطلاحاً فهي التعبّد لله -تعالى- بما لم يشرعه، حيث قال الله تعالى:
(أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ)،
[٢] وتعرّف أيضاً بأنّها التعبّد بما لم يفعله الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وبما لم يفعله الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، فقد قال
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
(فعليكم
بسنتي وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها، وعَضّوا عليها
بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ
ضلالةٌ).
[٣][٤]
حكم الاحتفال بالمولد النبوي
من الأمور التي يخفى حكمها على الناس حكم الاحتفال بالمولد النبوي، وفي
الحقيقة إنّ الاحتفال بالمولد النبوي بدعةٌ محدثةٌ، إذ لم يرد أي دليلٍ على
مشروعية ذلك الاحتفال لا في
القرآن الكريم،
ولا في السنة النبوية، ولا في أثر الصحابة رضي الله عنهم، ولا إجماع
علماء، ولا قياس، ولا أي دليلٍ عقليٍ أو فطريٍ، وثمّة العديد من الردود على
من يقول بمشروعية ذلك الاحتفال، ومنها:
[٥]
- أجمع العلماء على أنّ الاحتفال بالمولد النبوي أمرٌ محدثٌ لا أصل
له في الدين، وقد حذّر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من مُحدثات
الأمور، حيث قال: (إياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ)،[٦]
ويدلّ الحديث على أنّ كلّ الأمور المحدثة والتي لا أصل لها في الدين
ضلالة، وكذلك الاحتفال بالمولد النبوي؛ فهو ضلالة تؤدّي بصاحبها إلى النار.
- لم يفعله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا أصحابه رضي الله عنهم،
ولا التابعين، ولذلك فإنّ الذي يحتفل بالمولد يُعتبر مُتبعٌ لغير هدي النبي
عليه الصلاة والسلام، وغير سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين، وينطبق
عليه قول الله تعالى: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ
نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا).[٧]
- النية
الحسنة لا تُغني عن صاحبها شيئاً، إذا كان ما يقوم به بدعةً لا توافق هدي
النبي عليه الصلاة والسلام، وعمله مردودٌ عليه، كما قال رسول الله صلّى
الله عليه وسلّم: (من عملَ عملاً ليسَ عليهِ أمرُنا فهو ردٌّ).[٨]
- الاحتفال بالمولد النبوي فيه غلوٌّ في شخص النبي عليه الصلاة والسلام،
وقد حذّر الرسول -عليه الصلاة والسلام- من الغلوّ في الأشخاص، حيث قال: (إيَّاكم والغلوَّ في الدِّين، فإنَّما أَهلَكَ من كان قبلَكمُ الغلوُّ في الدِّينِ)،[٩] لأنّ الغلوّ بداية الانحراف الذي يؤدّي بالنهاية إلى الشرك بالله تعالى، وهذا ما حصل مع قوم نوحٍ، فقد قال الله -تعالى- عنهم: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا)،[١٠]
وتلك الأسماء لرجالٍ صالحين من قوم نوحٍ، فلمّا ماتوا أوحى الشيطان إلى
قوم نوحٍ بصنع أصنامٍ في مكان مقاعدهم، وسمّوها بأسمائهم تقديراً لهم،
ففعلوا ذلك ولم يعبدوهم، فلمّا ماتوا وذهب العلم أصبح القوم من بعدهم
يعبدون تلك الأصنام من دون الله.
أصل الاحتفال بالمولد النبوي
لم يكن للاحتفال بالمولد النبوي أصلٌ في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا عهد
الصحابة رضي الله عنهم، ولا التابعين رحمهم الله، ولا حتى من جاء بعدهم من العلماء والأئمة الأبرار؛
كالشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبو حنيفة النعمان، ومالك، ولا من المحدّثين؛ كالإمام
البخاري،
والإمام مسلم، وإنّما يرجع أصل الاحتفال بالمولد النبوي إلى العُبيديين
الذين أطلقوا على أنفسهم اسم الفاطميين، وكان ذلك في أواخر القرن الرابع
الهجري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق