من هو الحلاج
هو الحسين بن منصور الحلاج، أبو مغيث أو عبد الله، وُلد عام 858م في بلاد فارس في إحدى القرى الفارسية التابعة لبلدة البيضاء، وكَبر ونشأ في مدينة واسط في العراق، وقد كان كثير الترحال، سافر إلى مكة المكرمة وخراسان ووصل إلى الهند، وكان صوفيًّا شاعرًا أديبًا، درس الحلاج الدين قبل أن يسلك مسلك الصوفية، ولازم الكثير من مشايخها، وقد اشتهر قصة مقتله بتهمة الزندقة، فقد أحل دمه القاضي أبو عمر محمد بن يوسف المالكي بسبب أفكاره التي كان يطرحها، وبالفعل قُتل الحلاج سنة 922م، وهذا المقال سيتناول الحديث عن شعر الحلاج في العشق إضافة إلى الحديث عن أشهر أقوال الحلاج. [١]شعر الحلاج في العشق
كان الحسين بن منصور الحلاج شاعرًا وأديبًا طغت على أشعاره الصبغة الصوفية، فكتب في العشق والحب، العشق الذي يقترب من ضوء الله فيشتعل منه وينتمي إليه، وهذا ما جعل من أشعاره حديث القاصي والداني، فقال الناس عندما مات: "لقد أحببنا كلماته أكثر مما أحببناه، فتركناه يموت كي تعيش الكلمات"، ومن أبرز ما جاء من شعر الحلاج في العشق ما يأتي:- قال الحلاج في إحدى قصائده: [٢]
وحَطَّتْك روحي بين جلدي وأعظُمي فكيف تراني إنْ فقدْتُكَ أصنَعُ
- ومن شعر الحلاج في العشق أيضًا قولُهُ: [٣]
فيشهد صدْقًا حيث أشهدَهُ الهَوى بأنّ صلاةَ العاشقينَ من الكُفْـرِ
- ويقول الحلاج أيضًا: [٣]
إنِّي لأرمقُهُ و القلبُ يعرفُهُ فما يترجِّمُ عنه غير إيمائِي
يا ويحَ روحي من روحي فوا أسَفِي عليَّ منّي فإنّي أصلُ بلوائِي
كأنَّني غَرِقٌ تبدو أناملُهُ تَغوُّثًـا وهو في بحرٍ من الماءِ
وليس يَعْلَم ما لاقيتُ من أحَدٍ إلَّا الذِي حلَّ منّي في سويدائِي
ذاكَ العليمُ بما لاقيتُ من دنَفٍ وفِي مَشيئَتِهِ موتِي و إحيائِي
- ومن شعر الحلاج في العشق أيضًا قولُهُ: [٤]
وأطيَبُ الحُبِّ ما نمَّ الحديثُ بهِ كالنَّارِ لا تأتِ نفعًا و هي فِي الحَجَـرِ
من بعْدِ ما حضر السَّحاب و اجتمعَ الـ أعوانُ وامتطَّ أسمى صاحبُ الخَبَرِ
أرجُو لنفسي براءً منْ محبّتكم إذا تبرّأتُ من سَمعي ومن بصَرِي
- ويقول الحلاج: [٥]
وتُحِلُّ الضميرَ جوفَ فُؤادي كحُلولِ الأرواح في الأبدانِ
ليس من ساكنٍ تَحَرَّكَ إلّا أنت حَرَّكْتَهُ خَفيَّ المَكَانِ
يا هـلالًا بدا لأربعِ عشـرٍ لثمانٍ وأربـعٍ واثنــانِ
- ويقول أيضًا: [٦]
يا جملةَ الكلِّ التِي كلُّها أحبّ من بعضي ومن سائري
تراك ترثي للذي قلبُهُ مُعَلَّقٌ في مخلَبَيْ طائِـرِ
أشهر أقوال الحلاج
اشتهرت للحلاج أقوال كثيرة، فهو العاشق الصوفي الأديب الفيلسوف الذي كتب فكره شعرًا وكتبه نثرًا، فاشتهر وانتشرت أقواله شهرة واسعة، وأصبحت أقواله وحكمه متداولةً بين الناس وخاصة بين الصوفيين عبر العصور، ومن أشهر أقوال الحلاج ما يلي: [٧]- "من ظن أن الإلهيَّة تمتزج بالبشرية أو البشرية بالإلهيَّة فقد كفر".
- "حجبهم بالاسم فعاشوا، ولو أبرز لهم علوم القدرة لطاشوا، ولو كشف لهم عن الحقيقة لماتوا".
- "إلهي! أنتَ تعلمُ عجزي عن مواضع شكرك، فاشكر نفسك عنِّي، فإنَّهُ الشُّكر لا غير".
- "أسماء اللّه تعالى، من حيث الإدراك اسم، ومن حيث الحقِّ حقيقة".
- "إذا تخلَّص العبدُ إلى مقام المعرفة أوحى اللّه تعالى عليه بخاطرهِ، وحرس سرَّه أن يسنح فيه خاطرٌ غير الحقِّ".
- "لا يجوز لمن يرى أحدًا، أو يذكر أحدًا، أن يقول: إنِّي عرفتُ الأحد، الذي ظهرت من الآحاد".
- "من أسكرته أنوار التَّوحيد، حجبته عن عبادة التجريد؛ بل من أسكرته أنوار التجريد، نطق عن حقائق التوحيد؛ لأنَّ السَّكران هو الذي ينطقُ بكلِّ مكتوم".
- "وسئل الحلاج: لمَ طَمِعَ موسى -عليه السَّلام- في الرؤية وسألها؟ فقال: لأنَّه انفردَ للحَقِّ، وانفردَ الحقُّ بهِ في جميع معانيه، وصارَ الحقُّ مواجهه في كلِّ منظورٍ إليه، ومقابلَهُ دون كلِّ محظورٍ لديه؛ على الكشف الظاهر إليه، لا على التغيب؛ فذلك الذي حمَلَهُ على سؤالِ الرُّؤيةِ لا غير".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق