-->

adcash790

-------popcash------- ‐-----------------

الخميس، 23 أبريل 2020

أجمل ما كتب جميل بثينة

أجمل ما كتب جميل بثينة

تعريف الغزل العذري

يُعدُّ الغزل العذري نوعًا من أبرز أنواع الغزل في تاريخ الأدب العربي، وهو الغزل الذي يأتي فيه الشاعر على ذكر الأشياء الحسية والمعنوية في الحب، من شوق وأسًى وفراق ولقيا مبتعدًا تمام البُعد عن وصف المفاتن الجسدية عند المرأة، وهذا يعني أنَّ الغزل العذري عكس الغزل الماجن، وقد اشتهر هذا الغزل في قبيلة عُذرة التي لمع فيها نجم الشاعر جميل بثينة، وقد اشتهر شعراء الغزل العذري أيضًا بتصوير عاطفتهم الجياشة وتصوير أسمى معاني الإخلاص للمحبِّ، وقد برع في الغزل العذري مجموعة من الشعراء، أبرزهم: جميل بثينة، كُثيَّر عزَّة، مجنون ليلى، وغيرهم، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على الشاعر جميل بثينة، إضافة إلى ذكر أجمل ما كتب جميل بثينة.[١]

من هو جميل بثينة

قبل تسليط الضوء على أجمل ما كتب جميل بثينة، لا بدَّ من الحديث عن حياة هذا الشاعر العذري الذي يرجع نسبه إلى قبيلة عذرة، وقبيلة عذرة إحدى قبائل العرب التي يرجع نسبها إلى قضاعة، وهو شاعر من شعراء العصر الأموي، اسمه جميل بن عبد الله بن مَعْمَر العُذْري القُضاعي، وكان يُكنَّى بأبي عمرو، ولد جميل عام 701 ميلادية، وكان فصيحًا من فصحاء قومِهِ، وشاعرًا من أفضل الشعراء العرب، وهو أول من روى شعر هدبة بن خشرم، ليروي عن جميل فيما بعد الشاعر كثير عزَّة، ارتبط اسم جميل باسم بثينة، وبثينة هي الفتاة التي أحبَّها جميل حبًّا جمًّا، وكان هذا الحب واضحًا في أجمل ما كتب جميل بثينة، وقد عُرف عن جميل أنَّه كان كريم النفس، شاعرًا، مُرهَف الإحساس، رقيق العواطف، وقد أمضى جميل أيام حياته يكتب الشعر متغزلًا ببثينة التي لم يُكتب له اللقاء بها أبدًا، فمات وهو يبكي فراقها وينشد وصالها بقلب مكسور، خائر القوى.[٢]

أجمل ما كتب جميل بثينة

بعد الحديث عن الشاعر جميل بثينة، لا بدَّ من المرور على أجمل ما كتب جميل بثينة من شعر، فشخصية الشاعر وعواطفه ومشاعره ونفسيته تظهر من خلال الاطلاع على نتاجه الشعري، وقد انطبق هذا الأمر على جميل بثينة، الذي عرَّى أمام الناس مشاعره من خلال شعره، وفيما يأتي أجمل ما كتب جميل بثينة من شعر:
  • إنَّ من أجمل ما كتب جميل بثينة:[٣]
تذكّرَ أنسًا من بثينةَ ذا القلبُ
وبثنةُ ذكراها لذي شجنٍ، نصْبُ
وحنّتْ قَلوصي، فاستمعتُ لسَجْرها
برملةِ لدٍّ، وهيَ مثنيّةٌ تحبو
أكذَّبتُ طرفي، أم رأيتُ بذي الغضا
لبثنةَ، نارًا، فارفعوا أيَّها الركّبُ
إلى ضوءِ نارٍ ما تَبُوخُ، كأنّها
من البُعدِ والإقواء، جَيبٌ له نَقْب
ألا أيها النُّوّامُ، ويحكُمُ، هُبّوا!
أُسائِلكُمْ: هل يقتلُ الرَّجلَ الحبُّ؟
ألا رُبّ ركبٍ قد وقفتُ مطيَّهُمْ
عليكِ، ولولا أنتِ، لم يقفِ الرّكبُ
لها النّظرةُ الأولى عليهم، وبَسطةٌ
وإن كرّتِ الأبصارُ، كانَ لها العَقْبُ
  • ومن أجمل ما كتب جميل بثينة أيضًا:[٤]
أَلا هَل إِلى إِلمامَةٍ أَن أُلِمَّها
بُثَينَةُ يَومًا في الحَياةِ سَبيلُ
عَلى حينَ يَسلو الناسُ عَن طَلَبِ الصِبا
وَيَنسى اِتِّباعَ الوَصلِ مِنكِ خَليلُ
فَإِنْ هِيَ قالَت لا سَبيلَ فَقُل لَها
عَناءٌ عَلى العُذرِيّ مِنكِ طَويلُ
أَلا لا أُبالي جَفوَةَ الناسِ إِن بَدا
لَنا مِنكِ رَأيٌ يا بُثَينَ جَميلُ
وَما لَم تُطيعي كاشِحًا أَو تَبَدَّلي
بِنا بَدَلًا أَو كانَ مِنكِ ذُهولُ
يَقيكِ جَميلٌ كُلَّ سوءٍ أَما لَهُ
لَدَيكِ حَديثٌ أَو إِلَيكِ رَسولُ
وَقَد قُلتُ في حُبّي لَكُم وَصَبابَتي
مَحاسِنَ شِعرٍ ذِكرُهُنَّ يَطولُ
فَإِن لَم يَكُن قَولي رِضاكِ فَعَلِّمي
هُبوبَ الصِبا يا بَثنَ كَيفَ أَقولُ
فَما غابَ عَن عَيني خَيالُكِ لَحظَةً
وَلا زالَ عَنها وَالخَيالُ يَزولُ
  • ومن أجمل ما كتب جميل بثينة أيضًا:[٥]
زوروا بُثَينَةَ فَالحَبيبُ مَزورُ
إِنَّ الزِيارَةَ لِلمُحِبِّ يَسيرُ
إِنَّ التَرَحُّلَ أَن تَلَبَّسَ أَمرُنا
وَاِعتاقَنا قَدَرٌ أُحِمَّ بَكورُ
إِنّي عَشِيَّةَ رُحتُ وَهيَ حَزينَةٌ
تَشكو إِلَيَّ صَبابَةً لَصَبورُ
وَتَقولُ: بِت عِندي فَدَيتُكَ لَيلَةً
أَشكو إِلَيكَ فَإِنَّ ذاكَ يَسيرُ
غَرّاءُ مِبسامٌ كَأَنَّ حَديثُها
دُرٌّ تَحَدَّرَ نَظمُهُ مَنثورُ
مَحطوطَةُ المَتنَينِ مُضمَرَةُ الحَشا
رَيّا الرَوادِفِ خَلقُها مَمكورُ
لا حُسنِها حُسنٌ وَلا كَدَلالِها
دَلٌّ وَلا كَوَقارِها تَوقيرُ
إِنَّ اللِسانَ بِذِكرِها لَمُوَكَّلٌ
وَالقَلبُ صادٍ وَالخَواطِرُ صوَرُ
وَلَئِن جَزَيتِ الوُدَّ مِنّي مِثلَهُ
إِنّي بِذَلِكَ يا بُثَينَ جَديرُ
  • ومن أجمل ما كتب جميل بثينة أيضًا:[٦]
ما هاجَ شَوقكَ مِن بِلَى الأَطلالِ
بِالبَرقِ مَرَّ صَبَا وَمرَّ شَمَالِ
لَعِبَت بِجِدَّتِها الشَّمالُ وَصابَها
نَوءُ السماكِ بِمُسبِلٍ هَطَّالِ
جَرَّت بِها هُوجُ الرِّياحِ ذُيُولها
جَرَّ النِّساءِ فَواضِلَ الأَذيالِ
وَذَكرتُ رَبعًا حلَّ أَهلونا بِهِ
إِذ نَحنُ فِي حَلَقٍ هُناكَ حِلالِ
نَقِفُ الحَديثَ إِذا خَشِينا كاشِحًا
ونَلِطُّ حينَ نَخافُ بالأَمثَالِ
حتَّى تَفرَّقَ أَهلُنا عَن نِيَّةٍ
قُذُفٍ وآذَنَ أَهلُنا بِزَوالِ
بَانُوا فَبَانَ نَواعِمٌ مثلُ الدُّمَى
بِيضُ الوُجُوهِ يَمِسنَ في الأَغيَالِ
حَفد الوَلائِد حَولَهُنَّ وأَسلَمَتْ
بأَكُفِّهنَّ أزِمَّةَ الأَجمالِ
زاحُوا مِنَ البَلقَاءِ يَشكُو عِيرهم
عُنفَ السِّياقِ مُرَفَّعَ الأَذيَالِ
جَعَلُوا أَقَارِحَ كُلَّها بِيَمينِهِم
وَهِضَابَ بُرقَةِ عَسعَسٍ بِشمَالِ
ولَقَد نَظَرتُ فَفَاضَ دَمعِي بَعدَما
مَضَتِ الظَّعَائِنُ واحتَجَبنَ بآلِ
عرضَ الجَباجِبِ مِن أُثال كَما غَدَت
رُجحُ السَّفينِ دُفِعنَ بِالأَثقال
أفكُلُّ ذِي شَجوٍ عَلِمتَ مكانَه
تَسلُو مودَّتَهُ ولَستَ بِسَالِ
مِن غَيرِ إِصقَابٍ يَكونُ مِنَ النَّوى
إِلا اللِّمامَ وَلا كَبيرَ وِصَالِ
قَالَت بُثَينَةُ: لا تُبَالِي صَرمَنا
جَهَلت بُثَينَةُ إنَّنِيَ لأُبَالي
وَالمُجرِمِينَ مخافَةً وتَعبُّدًا
يَحدونَ كلَّ نَجيبَةٍ شِملالِ
غَصبًا كأنَّ عُيونَهُنَّ مِن السُّرى
وَمِن الكَلالِ مَدَافِعُ الأَوشَالِ
إِنِّي لأكتُمُ حُبَّها إذ بَعضُهم
فِيمَن يُحِبُّ كناشِدِ الأَغفَالِ
أَبُثَينَ هل تَدرِينَ كَم جَشَّمتِني
من عَقرِ ناجِيَةٍ وحَربِ مَوالِ
وتعسُّف المَومَاةِ تعزِفُ جِنُّها
بعدَ الهُدوءِ بِعرمسٍ مِرقَالِ
ولَقَد أشَرت على ابنِ عِمِّك لاقحًا
من حَربنَا جَرباءَ ذَاتِ غِلالِ
حَربًا يُشَمِّصُ بالضَّعيفِ مِرَاسُها
لَقِحَت عَلى عُقرٍ وطُولِ حِيَالِ
أوَ لا تَراني مِن جَريرةِ حُبِّها
أمسي الدِّلاصَ مُقَلِّصًا سِربَالي
صَدَأُ الحَديدِ بِمنكِبَيَّ كأنَّنِي
جَونٌ يُغَشِّيهِ العَنِيَّةَ طَالِ
يا لَيتَ لذَّةَ عيشِنا رَجَعت لَنا
في مثلِ عَصرٍ قَد تَجرَّمَ خَالِ
فَنَبيعُ أَيامًا خَلَت فيما مَضَى
قَصُرت بأَيَّامٍ عقبنَ طوالِ
وَإذا العَدوُّ مكَذّبٌ أنباؤُهُ
وَإذا النصِيحُ مصدَّقُ الأَقوالِ
مِن كُلِّ آنِسَةٍ كأنَّ نُيوبَها
بَرَدٌ مُسَقَّطُ روضَةٍ مِحلالِ
هَطِلٌ كغادِي السَّلمِ يجري صعدَهُ
فَوقَ الزّجَاجَةِ عَن أجبّ ثِقَالِ
مَن تُؤتِهِ أشفَى عَلى ما فاتَهُ
مِنهَا وَإن لَم تجزِهِ بِنَوالِ
وَمَناكِبٌ عرضَت وكَشحٌ مُضمَرٌ
جَالَ الوِشَاحُ عَلَيهِ كلَّ مجَالِ
وَعَجِيزَةٌ رَيَّا وسَاقٌ خَدلَةٌ
بَيضَاءُ تُسكِتُ مَنطِقَ الخَلخَالِ
حَتَّى إِذا مَلَثَ الظلامُ وفُتنَنِي
غَلَبَ العَزاء وهُنَّ غيرُ أوالِ
  • ومن أجمل ما كتب جميل بثينة أيضًا:[٧]
فَهَل بثينةُ يا للنَّاس قاضِيتي
دَيني وفاعِلةٌ خَيرًا فَأجزيها
ترمي بِعينَي مَهاةٍ أَقصدَت بِهما
قَلبي عَشِيةَ ترميني وأَرميها
هَيفاءُ مُقبِلَة، عَجزاء مُدبِرَةٌ
ريَّا العِظام بِلا عَيبٍ يُرَى فيها
مِن الأَوانِسِ مِكسالٌ مُبَتّلةٌ
خَودٌ غَذَاها بلِين العَيشِ غاذيها
  • ومن أجمل ما كتب جميل بثينة أيضًا:[٨]
أَتانِيَ عَن مَروانَ بِالغَيبِ أَنَّهُ
مُقيدٌ دَمي أَو قاطِعٌ مِن لِسانِيا
فَفي العيسِ مَنجاةٌ وَفي الأَرضِ مَذهَبٌ
إِذا نَحنُ رَفَّعنا لَهُنَّ المَثانِيا
وَرَدَّ الهَوى إثنانُ حَتّى اِستَفَزَّني
مِنَ الحُبِّ مَعطوفُ الهَوى مِن بِلادِيا
أَقولُ لِداعي الحُبِّ وَالحِجرُ بَينَنا
وَوادي القُرى لَبَّيكَ لَمّا دَعانِيا
وَعاوَدتُ مِن خِلٍّ قَديمٍ صَبابَتي
وَأَظهَرتُ مِن وَجدي الَّذي كانَ خافِيا
وَقالوا بِهِ داءٌ عَياءٌ أَصابَهُ
وَقَد عَلِمَت نَفسي مَكانَ دَوائِيا
أَمَضروبَةٌ لَيلى عَلى أَن أَزورَها
وَمُتَّخِذٌ ذَنبًا لَها أَن تَرانِيا
هِيَ السِحرُ إِلّا أَنَّ لِلسِحرِ رُقيَةً
وَإِنِّيَ لا أُلفي لَها الدَهرَ راقِيا
أُحِبُّ الأَيامى إِذ بُثَينَةُ أَيِّمٌ
وَأَحبَبتُ لَمّا أَن غَنيتِ الغَوانِيا
أُحِبُّ مِنَ الأَسماءِ ما وافَقَ اِسمَها
وَأَشبَهَهُ أَو كانَ مِنهُ مُدانِيا
وَدِدتُ عَلى حُبِّ الحَياةِ لَوَ اَنَّها
يُزادُ لَها في عُمرِها مِن حَياتِيا
وَأَخبِرتُماني أَنَّ تَيماءَ مَنزِلٌ
لِلَيلى إِذا ما الصَيفُ أَلقى المَراسِيا
فَهَذي شُهورُ الصَيفِ عَنّا قَدِ اِنقَضَتْ
فَما لِلنَوى تَرمي بِلَيلى المَرامِيا
وَأَنتِ الَّتي إِن شِئتِ أَشقَيتِ عيشَتي
وَإِن شِئتِ بَعدَ اللَهَ أَنعَمتِ بالِيا
وَأَنتِ الَّتي ما مِن صَديقٍ وَلا عِدا
يَرى نِضوَ ما أَبقَيتِ إِلّا رَثى لِيا
وَما زِلتِ بي يا بَثنَ حَتّى لَوَ اَنَّني
مِنَ الوَجدِ أَستَبكي الحَمامَ بَكى لِيا
إِذا خَدِرَت رِجلي وَقيلَ شِفاؤُها
دُعاءُ حَبيبٍ كُنتِ أَنتِ دُعائِيا
إِذا ما لَديغٌ أَبرَأَ الحَليُ داءَهُ
فَحَليُكِ أَمسى يا بُثَينَةُ دائِيا
  • ومن أجمل ما كتب جميل بثينة أيضًا:[٩]
أَمِن مَنزِلٍ قَفرٍ تَعَفَّت رُسومَهُ
شَمالٌ تُغاديهِ وَنَكباءُ حَرجَفُ
فَأَصبَحَ قَفرًا بَعدَما كانَ آهِلًا
وَجُملُ المُنى تَشتو بِهِ وَتُصَيِّفُ
ظَلَلتُ وَمُستَنٌّ مِنَ الدَمعِ هامِلٌ
مِنَ العَينِ لَمّا عُجتُ بِالدارِ يَنزِفُ
أَمُنصِفَتي جُملٌ فَتَعدِلَ بَينَنا
إِذا حَكَمَت وَالحاكِمُ العَدلُ يُنصِفُ
تَعَلَّقتُها وَالجِسمُ مِنّي مُصَحَّحٌ
فَما زالَ يَنمي حُبُّ جُملٍ وَأَضعُفُ
إِلى اليَوم حَتّى سَلَّ جِسمي وَشَفَّني
وَأَنكَرتُ مِن نَفسي الَّذي كُنتُ أَعرِفُ
قَناةٌ مِنَ المُرّانِ ما فَوقَ حَقوِها
وَما تَحتَهُ مِنها نَقًا يَتَقَصَّفُ
لَها مُقلَتا ريمٍ وَجيدُ جِدايَةٍ
وَكَشحٌ كَطَيِّ السابِرِيَّةِ أَهيَفُ
وَلَستُ بِناسٍ أَهلَها حينَ أَقبَلوا
وَجالوا عَلَينا بِالسُيوفِ وَطَوَّفوا
وَقالوا جَميلٌ باتَ في الحَيِّ عِندَها
وَقَد جَرَّدوا أَسيافَهُم ثُمَّ وَقَّفوا
وَفي البَيتِ لَيثُ الغابِ لَولا مَخافَةٌ
عَلى نَفسِ جَملٍ وَالإِلَه لَأُرعِفوا
هَمَمتُ وَقَد كادَت مِرارًا تَطَلَّعَت
إِلى حَربِهِم نَفسي وَفي الكَفِّ مُرهَفُ
وَما سَرَّني غَيرُ الَّذي كانَ مِنهُمُ
وَمِنّي وَقَد جاؤوا إِلَيَّ وَأَوجَفوا
فَكَم مُرتَجٍ أَمرًا أُتيحَ لَهُ الرَدى
وَمِن خائِفٍ لَم يَنتَقِصهُ التَخَوُّفُ
أَإِن هَتَفَت وَرقاءُ ظِلتَ سَفاهَةً
تبكّي عَلى جُملٍ لِوَرقاءَ تَهتِفُ
فَلَو كانَ لي بِالصَرمِ يا صاحِ طاقَةٌ
صَرَمتُ وَلَكِنّي عَنِ الصَرمِ أَضعفُ
لَها في سَوادِ القَلبِ بِالحُبِّ مَنعَةٌ
هِيَ المَوتُ أَو كادَت عَلى المَوتِ تُشرِفُ
وَما ذَكَرَتكِ النَفسُ يا بثنَ مَرَّةً
مِنَ الدَهرِ إِلّا كادَتِ النَفسُ تُتلَفُ
وَإِلا اِعتَرَتني زَفرَةٌ وَاِستِكانَةٌ
وَجادَ لَها سَجلٌ مِنَ الدَمعِ يَذرِفُ
وَما اِستَطرَفَت نَفسي حَديثًا لِخلَّةٍ
أُسِرّ بِهِ إِلّا حَديثُكِ أَطرَفُ
وَبَينَ الصَفا وَالمَروَتَينِ ذَكَرتُكُم
بِمُختَلِفٍ وَالناسُ ساعٍ وَموجِفُ
وَعِندَ طَوافي قَد ذَكَرتُكِ مَرَّةً
هِيَ المَوتُ بَل كادَت عَلى المَوتِ تَضعفُ
  • ومن أجمل ما كتب جميل بثينة أيضًا:[١٠]
أَهاجَكَ أَم لا بِالمَداخِلِ مَربَعُ
وَدارٌ بِأَجراعِ الغَديرَينِ بَلقَعُ
دِيارٌ لِسَلمى إِذ نَحِلُّ بِها مَعًا
وَإِذ نَحنُ مِنها بِالمَوَدَّةِ نَطمَعُ
وَإِن تَكُ قَد شَطَّت نَواها وَدارُها
فَإِنَّ النَوى مِمّا تُشِتُّ وَتَجمَعُ
إِلى اللَهِ أَشكو لا إِلى الناسِ حُبَّها
وَلا بُدَّ مِن شَكوى حَبيبٍ يُرَوَّعُ
أَلا تَتَّقينَ اللَهَ فيمَن قَتَلتِهِ
فَأَمسى إِلَيكُم خاشِعًا يَتَضَرَّعُ
فَإِن يَكُ جُثماني بِأَرض سِواكُمُ
فَإِنَّ فُؤادي عِندكِ الدَهرَ أَجمَعُ
إِذا قُلتُ هَذا حينَ أَسلو وَأَجتَري
عَلى هَجرِها ظَلَّت لَها النَفسُ تَشفَعُ
أَلا تَتَّقينَ اللَهَ في قَتلِ عاشِقٍ
لَهُ كَبِدٌ حَرّى عَلَيكِ تَقَطَّعُ
غَريبٌ مَشوقٌ مولَعٌ بِاِدِّكارِكُم
وَكُلُّ غَريبِ الدارِ بِالشَوقِ مولَعُ
فَأَصبَحتُ مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ موجِعًا
وَكُنتُ لِرَيبِ الدَهرِ لا أَتَخَشَّعُ
فَيا رَبِّ حَبِّبني إِلَيها وَأَعطِني الـ
ـمَوَدَّةَ مِنها أَنتَ تُعطي وَتَمنَعُ
وَإِلّا فَصَبِّرني وَإِن كُنتُ كارِهًا
فَإِنّي بِها يا ذا المَعارِجِ مولَعُ
وَإِن رمتُ نَفسي كَيفَ آتي لِصَرمِها
وَرمتُ صدودًا ظَلَّتِ العَينُ تَدمَعُ
جَزِعتُ حِذارَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلوا
وَمَن كانَ مِثلي يا بُثَينَةُ يَجزَعُ
تَمَتَّعتُ مِنها يَومَ بانوا بِنَظرَةٍ
وَهَل عاشِقٌ مِن نَظرَةٍ يَتَمَتَّعُ
كَفى حَزَنًا لِلمَرءِ ما عاشَ أَنَّهُ
بِبَينِ حَبيبٍ لا يَزالُ يُرَوَّعُ
فَوا حَزَنًا لَو يَنفَعُ الحزنُ أَهلَهُ
وَوا جَزَعًا لَو كانَ لِلنَفسِ مَجزَعُ
فَأَيُّ فُؤادٍ لا يَذوبُ لِما أَرى
وَأَيُّ عُيونٍ لا تَجودُ فَتَدمَعُ
  • ومن أجمل ما كتب جميل بثينة أيضًا:[١١]
ألا من لقلبٍ لا يمَلّ فيَذهَلُ
أفقْ، فالتعزِّي عن بثينةَ، أجملُ
سلا كلٌّ ذي ودٍ، علمتُ مكانهّ،
وأنتَ بها حتى المماتِ موكلُ
فما هكذا أحببتَ من كان قبلَها
ولا هكذا، فيما مضى ، كنتَ تفعلُ
أعن ظُعُنِ الحيِّ الأُلى كنتَ تسألُ
بليلٍ، فردوا عيرهمَ، وتحمَّلُوا
فأمسوا وهم أهلُ الديار، وأصبحوا
ومن أهلِها الغِربانُ بالدارِ تَحجِلُ
على حين ولّى الأمرُ عنّا، وأسمَحتْ
عصا البينِ، وانبتّ الرجاءُ المؤمَّل
وقد أبقت الأيامُ منيّ، على العدى
حُسامًا، إذا مسَّ الضريبةَ، يَفصِلُ
ولستُ كمن إن سِيمَ ضَيمًا أطاعَهُ
ولا كامرىءٍ إنْ عضّهُ الدَّهرُ يَنكُلُ
لعمري، لقد أبدى ليَ البينُ صَفحَهُ
وبيّنَ لي ما شئت، لو كنتُ أعقِلُ
وآخرُ عهدي، من بثينَة نظرةٌ
على مَوقِفٍ، كادت من البَينِ تقتلُ
فللهِ عينا من رأى مثل حاجةٍ
كتَمتُكِها، والنفسُ منها تَمَلمَلُ
وإني لأستبكي، إذا ذُكِر الهوى
إليكِ، وإني، من هواكِ، لأوجِلُ
نظرتُ ببِشرٍ نظرة ً ظَلْتُ أمْتري
بها عَبرةً، والعينُ بالدَّمعِ تُكحَلُ
إذا ما كَررتُ الطرفَ نحوكِ ردّهُ
من البُعدِ، فيّاضٌ من الدمعِ يَهمِلُ
فيا قلبُ، دع ذكرى بثينةَ إنها
وإن كنتَ تهواها، تَضَنّ وتَبخَلُ
قناةٌ من المُرّان ما فوقَ حَقْوِها
وما تحتَه منها نَقًـا يَتهيّلُ
وقد أيأستْ من نيلها، وتجهَّمَتْ
ولَليأسُ، إن لم يُقدَر النّيْلُ، أمثَلُ
وإلاّ فسلها نائلًا قبلَ بينها
وأبخِلْ بها مسؤولةً حين تُسألُ
وكيف تُرجّي وصلَها، بعد بُعدِها
وقد جذُّ حبلُ الوصلِ ممن تؤملُ
وإنّ التي أحببتَ قد حِيلَ دونَها
فكن حازمًا، والحازِمُ المُتحوِّلُ
ففي اليأسِ ما يُسلي، وفي الناس خُلّةٌ
وفي الأرضِ، عمنّ لا يؤاتيكَ، معزلُ
بدا كلفٌ مني بها، فتثاقلتْ
وما لا يُرى من غائبِ الوجدِ أفضَلُ
هبيني بريئًا نلتهُ بظلامةٍ
عفاها لكمُ، أو مذنبًا يتنصلُ
  • ومن أجمل ما كتب جميل بثينة أيضًا:[١٢]
شَهِدتُ بِأَنّي لَم تَغَيَّر مَوَدَّتي
وَإِنّي بِكُم حَتّى المَماتِ ضَنينُ
وَأَنَّ فُؤادي لا يَلينُ إِلى هَوى
سِواكِ وَإِن قالوا بَلى سَيَلينُ
فَقَد لانَ أَيّامَ الصِبا ثُمَّ لَم يَكَدْ
مِنَ الدَهرِ شَيءٌ بَعدَهُنَّ يَلينُ
وَلَمّا عَلَونَ اللابَتَينِ تَشَوَّفَت
قُلوبٌ إِلى وادي القُرى وَعُيونُ
كَأَنَّ دُموعَ العَينِ يَومَ تَحَمَّلَتْ
بُثَينَةُ يَسقيها الرِشاشَ مَعينُ
ظَعائِنُ ما في قُربِهُنَّ لِذي هَوىً
مِنَ الناسِ إِلّا شِقوَةٌ وَفُنونُ
وَواكَلنَهُ وَالهَمَّ ثُمَّ تَرَكنَهُ
وَفي القَلبِ مِن وَجدٍ بِهِنَّ حَنينُ
وَرُحنَ وَقَد أَودَعنَ قَلبي أَمانَةً
لِبَثنَةَ سِرٌّ في الفُؤادِ كَمينُ
كَسِرِّ النَدى لَم يَعلَمِ الناسُ أَنَّهُ
ثَوى في قَرارِ الأَرضِ وَهُوَ دَفينُ
إِذا جاوَزَ الإِثنَينِ سِرٌّ فَإِنَّهُ
بِنَثٍّ وَإِفشاءِ الحَديثِ قَمينُ
تُشَيِّبُ رَوعاتُ الفِراقِ مَفارِقي
وَأَنشَزنَ نَفسي فَوقَ حَيثُ تَكونُ
فَواحَسرَتا إِن حيلَ بَيني وَبَينَها
وَيا حَينَ نَفسي كَيفَ فيكِ تَحينُ
وَإِنّي لَأَستَغثي وَما بِيَ نَعسَةٌ
لَعَلَّ لِقاءً في المَنامِ يَكونُ
فَإِن دامَ هَذا الصَرمُ مِنكِ فَإِنَّني
لَأَغبَرِها في الجانِبَينِ رَهينُ
  • ومن أجمل ما كتب جميل بثينة أيضًا:[١٣]
أَظنُّ هَواها تارِكي بِمضلةٍ
مِن الأَرضِ لا مالٌ لديَّ ولا أَهلُ
مَحا اللَّهُ حبَّ الأُلى كنّ قَبلها
وَحَلَّت مَكانًا لَم يَكن حُلَّ مِن قَبلُ
  • ومن أجمل ما كتب جميل بثينة أيضًا:[١٤]
أَلَم تَسأَلِ الرَّبعَ الخَلاءَ فَيَنطِقُ
وَهَل تُخبِرَنكِ اليَومَ بَيداءَ سَملَقُ
وَقَفتُ بِها حَتّى تَجَلَّت عَمايَتي
وَمَلَّ الوُقوفَ الأَرحَبِيُّ المُنَوَّقُ
بِمُختَلَفِ الأَرواحِ بَينَ سُوَيقَةٍ
وَأَحدَبَ كادَت بَعدَ عَهدِكِ تَخلُقُ
أضَرَّت بِها النَكباءُ كُلَّ عَشِيَّةٍ
وَنَفخُ الصَبا وَالوابِلُ المُتَبَعِّقُ

المراجع[+]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق