جهود العلماء في حفظ الحديث الشريف وجمعه
- في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، نهى أصحابه أن يقوموا بكتابة
الحديث، وذلك حتى لا تختلط الأحاديث النبوية الشريفة وأقوال الرسول، مع آيا
القرآن الكريم، حيث كان كتبة الوحي يكتبون كل الآيات التي تنزل على
الرسول.
- فكان الصحابة يقومون بتدوين القرآن الكريم، ويحفظون الأحاديث النبوية
في صدورهم ويتناقلونها بينهم دون أن يكتبوها، وسار الأمر هكذا بعد وفاة
النبي، فكان كل صحابي يسمع حديثًا من الأحاديث فيبلغه إلى من يقوم بحفظه من
بعده.
- ومن أهم العلماء الذين بدأوا بالاهتمام بجمع الأحاديث هو الإمام
البخاري رضي الله عنه، فهو أول من وضع علم الرجال، وهو العلم الذي يبحث في
حال الرواة، وعدالتهم، ودقة ذاكرتهم، وخلوهم من الموانع التي تخل بالشرف
والمروءة وتجعل الشخص غير أهل لنقل أحاديث النبي.
ما هي جهود العلماء في حفظ السنة
- بعد أن اتسعت رقعة الدولة الإسلامية، وزادت الفتوحات الإسلامية في عصر
الخلفاء الراشدين، ومن تبعهم، كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
يرتحلون لينشروا أحاديث النبي للمسلمين، فكان أهم الطرق التي تم اتباعها
للحفاظ على أحاديث الرسول هي الارتحال لأخذ الحديث عمن سمعه عن النبي، وقد
لاقى الرواة العديد من المشقات والمتاعب خلال تلك الرحلات لكن هذه الصعوبات
لم تكن عائقًا لهم عن التعلم وطلب الحديث. فنتج عن ذلك أن الرواة الذين
نقلوا الأحاديث عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذون تلك الأحاديث
من مصادر متعددة، بدلا من الاعتماد على ذاكرة صحابي واحد في نقل الحديث.
- ومن الروايات الشهيرة في الرحلات التي قام بها الرواة لجمع الأحاديث
النبوية الشريفة، ما روي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه قد سافر من
المدينة المنورة إلى مصر ليسأل عقبة بن نافع عن حديث سمعه عن النبي، ولما
أخذه عنه، عاد مرة أخرى إلى المدينة.
نماذج من جهود العلماء في حفظ الحديث
هناك العديد من القصص المشرفة في جهود الصحابة والتابعين لجمع الأحاديث
النبوية وحفظها، ومن خلال الفقرة التالية نقدم لكم العديد من النماذج لهذه
الجهود المباركة.
- روي أن التابعين الذين عاصروا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
كانوا يقومون بحفظ الأحاديث النبوية، وتدارسها فيما بينهم، وكان الواحد
منهم يسافر مسيرة شهر لكي يسمع حديث من فم صحابي سمعه عن النبي، ومن ذلك ما
روي عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أنه كان يقول: “كنت أسافر مسيرة
الأيام والليالي في الحديث الواحد” أي لكي يحصل على الحديث الواحد.
- قام علماء الحديث الذين أتوا في عصر تابعي التابعين، وهم الذين لم
يستطيعوا أن يقابلوا أحدًا من الصحابة ولكنهم التقوا بالتابعين، بجمع
الأحاديث النبوية الشريفة من جميع الطرق التي وردت بها، ولم يكتفوا بطريق
واحدة للرواية، أو سند واحد، لكنهم وضعوا في الاعتبار جميع الأسانيد
الممكنة، متى استوفى صاحبها الشروط التي تفيد بصحة روايته.
- لم يقم علماء الحديث بمجرد جمع الأحاديث النبوية فحسب، بل قاموا بتقسيم
الرواة لدرجات، وتبعًا لهذا التقسيم، تم تقسيم الأحاديث بحسب روايتها إلى
الأحاديث المتواترة والصحيحة، وأحاديث الآحاد، والأحاديث الموقوفة،
والغريبة، وحتى الأحاديث الموضوعة.
- كانت الحكمة من نقل الأحاديث الموضوعة، وتدوينها في كتب السنة هو تعريف
المسلمين بهذه الأحاديث، والتأكيد على وضعها حتى لا يلتبس الأمر عليهم.
- جاء بعد ذلك دور قسم آخر من أقسام علم الحديث، وهو الذي يُعرف بين
علماء الحديث باسم “علم الحديث دراية”، وهذا العلم يهتم بمتن الحديث
الشريف، ويبحث في درجة موافقته للقرآن الكريم، ولهدي النبي صلى الله عليه
وسلم، وتوافقه مع العقل من عدمه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق