أهمية الدعاء
إنّ للدعاء أهمية بالغة في الدين الإسلامي فهو أحد أجلِّ العبادات وأفضل القربات؛ حيث تظهر أهميته في كونه اعترافًا من العباد بضعفهم وطلبهم اللجوء والقرب من خالقهم، فهو القادر على استجابة دعواتهم وتحقيق مطالبهم، والدعاء مأمور به شرعًا ومن الآيات التي حثّت على الدعاء قوله -تعالى- في سورة غافر: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}،[١] فالدعاء يخصُّ جميع مناحي الحياة صغيرها وكبيرها، فهو استعانة العاجز بالقادر، وللدعاء أهميّة كبرى في تيسير الأمور وقضاء الحوائج إضافةً إلى الأخذ بالأسباب المادية، ومن هذه الحوائج حاجة الطالب إلى التوفيق والتيسير الربّاني في الامتحان والمذاكرة، وسيستعرض هذا المقال أدعية قبل الدخول إلى الامتحان. [٢]أدعية قبل الدخول إلى الامتحان
اهتّم الناس في العصر الحديث بشأن التحصيل العلمي اهتمامًا ملحوظًا؛ وأصبحت الامتحانات والاختبارات جزءً لا يتجزأ من المسيرة العلمية للطلّاب، وهذا ما جعلهم يهتمون بشأنها فمنهم من يتعب كثيرًا ويجتهد في الدراسة والمذاكرة، وقد أصبح الأمر مقلقًا للطالب ولأهله على حدٍّ سواء، وقد انتشرت الكثير من المنشورات الورقية والرقمية التي تحوي ما يُسمّى أدعية قبل دخول الامتحان، ومنها ما هو آيات قرآنية بصيغة دعاء مثل قوله -تعالى- في سورة الإسراء: {وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا* وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}،[٣] وقوله -تعالى- في سورة الكهف: {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}،[٤] وهذه الآيات وإن كانت تحوي الدعاء النافع ويجوز ترديدها في أيِّ وقتٍ، إلّا أنّه من غير الوارد تخصيصها بأدعية قبل الدخول إلى الامتحان.[٥]كما وردت صيغ أخرى لأدعية قبل الدخول إلى الامتحان؛ ومنها قول الطالب: "يا معلّم إبراهيم علّمني، ويا مفهّم سليمان فهمّني"، وبعضُ هذا الدعاء واردٌ عن ابن تيمية -رحمه الله- وأنّه كان يدعو به عندما تُشكِل عليه مسألة، فيفتح الله عليه ويستجيب دعوته، ولكنّ ورود هذا الدعاء عن ابن تيمية وبيانه -رحمه الله- فضله وأثره في حل المعضلات العلمية التي يواجهها؛ لا يعني جواز تخصيصه بأدعية قبل الدخول إلى الامتحان، فللطالب أن يدعو الله بما شاء ويسأله السداد والتوفيق وتيسير الأمور في كلِّ لحظةٍ وكلِّ حين؛ مع الحرص على المثابرة والاجتهاد في الدراسة، ولكنّ تخصيص دعاء معيّن بوقت مخصوص هو ما يحتاج إلى دليل شرعي صحيح، والخوض فيه بلا دليل يُعدُّ بدعة منهيٌّ عنها.[٥]
نماذج من مذاكرة العلماء
لقد تكلّم العلماء وأكثروا في شأن الدعاء وفضله ومن جميل ما قيل فيه قول الإمام الخطّابي: "معنى الدعاء استدعاء العبدِ ربَّه عز وجل العنايةَ، واستمدادُه منه المعونة، وحقيقته إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرّؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية واستشعارُ الذلّة البشريَّة، وفيه معنى الثناء على الله عز وجل، وإضافة الجود والكرم إليه"،[٦] وبالإضافة إلى حرص العلماء على الدعاء فقد أخذوا بأسباب التحصيل العلمي؛ وهي كثرة المذاكرة، فقد روي عن جماعة من السلف الصالح أنّهم كانوا يجلسون للمذاكرة وتثبيت المحفوظ الساعات الطويلة.[٧]وقد روي عن وكيع وأحمد بن حنبل -رحمهمها الله- أنّهما كانا يتذاكران الأحاديث النبوية وقتًا طويلًا، فلا يتوقفّان حتى تأتي الجارية وتخبرهما بطلوع الفجر، كما قال الحسن بن شفيق: "قمت مع ابن المبارك ليلة باردة ليخرج من المسجد، فذاكرني عند الباب بحديثٍ فذاكرته، فما زال يذاكرني حتى جاء المؤذن وأذّن للفجر"، ولعلماء الإسلام أقوال عديدة في كيفية تحصيل العلم؛ ومنها قول الخطيب البغدادي: "أجود أوقات الحفظ الأسحار ثمّ وسط النهار ثم الغداة".[٧]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق