تكوين البويضات في الأنثى
يشترك كلٌّ من الذَّكر والأنثى في إنتاج النَّسل؛ حيث يُقدِّم الذَّكرُ أمشاجه (جاميتاتِه) المُسمَّاة بالحيوانات المنويَّة، التي تلتَقي أثناء عمليَّةِ الجماعِ بالمشِيج المخزّن في الأنثى والمُسمّى بويضةً، لينجح أحد الحيوانات المنويّة في اختراقها، فيتّحدان معاً مكوّنَيْن بويضةً مُخصّبةً، تبدأ منها انقساماتُ الخلايا، وحينها يتكوَّنَ فردٌ جديدٌ يحملُ صفاتٍ وراثيَّةً من كلا الطّرفين.[١]يبدأُ تكوينُ البويضاتِ التي تمثِّل الأنثى منذ المراحل الجنينيَّةِ الأولى، وتنقسم انقساماتٍ متساويةً عديدةً لتكوِّن خلايا بيضيَّةً مُحتواةً داخل حويصلاتٍ تبقى في المبيض، وتتعرَّض لعمليَّة انقسامٍ منصِّفٍ غير مكتملٍ، تمتدُّ سنواتٍ حتَّى تبدأ مرحلةُ البُلوغ، حينها يبدأ تأثير الهرمونات الأنثويّة على الحويصلات، ثمّ تنتقل إلى حالة الخليَّةِ البيضيَّة الثَّانويَّةِ باستكمال مراحل الانقسام المُنصِّف إذا ما تمَّ تلقيحها بواسطة حيوانٍ منويّ؛ لتصبحَ بويضةً ناضجةً مخصبةً، تتطوَّرُ لاحقاً إلى جنين.[١]
مرحلة الإباضة عند المرأة
تُعرَفُ الإباضةُ (بالإنجليزيّة: Ovulation) بأنَّها خروج البويضة النَّاضجة من حويصِلتها في أحد المبيضَيْن إلى قناة فالوب، ومرحلةُ الإباضةِ طورٌ من أطوار دورة الحيض (بالإنجليزيّة: Menstrual cycle) عند الأنثى، والمتضمِّنةِ دورتينِ هما: دورة المبيضِ، ودورة الرَّحم. تشتمل دورةُ المبيضِ ثلاثَ مراحلَ تُسمَّى أطواراً، تبدأُ بطور الحويصلة، ثمّ الإباضة، ثمّ الجسم الأصفر، أمَّا دورة الرَّحمِ ففيها ثلاثةُ أطوارٍ أيضاً، تُعنى بتنظيف الرَّحم أو تهيئته لاستقبال الجنين في حال حدوثِ الإخصابِ للبويضة أعلى قناة البيض، والأطوار الثلاثة هي: طور تدفُّق الطَّمث، وطور نموّ بطانة الرَّحم، وطور الإفراز.[٢][٣][٤][٥]دورة الحيض
تُعرَّف دورة الحيضِ أو الطّمث بأنَّها مجموعةُ التغيُّراتِ الطبيعيّة المُعتادَة الحاصلة في الجهاز التناسليّ باستمرارٍ شهريّاً منذ بلوغ الأنثى، وتستهدِف الرّحمَ والمَبايضَ؛ لتهيِئتها لإفراز البويضاتِ، ومن ثمّ استقبال الجنين عند حدوثِ الإخصابِ، أو التخلُّصِ من البويضات المُفرَزة حال غيابه، وتختزنُ الأنثى مئاتِ الآلافِ من البويضاتِ في مبيضِها منذ مراحلِها الجنينيَّةِ المتوسِّطة، في حين يكون إنتاج هذه البويضات متوقِّفاً على بلوغها. يكون الطّمث على شكلِ نشاطٍ دوريٍّ يحدث كلَّ شهرٍ بمعدَّلِ 28 يوماً، تحتمل الزِّيادة والنُّقصان حسب طبيعةِ جسم الأنثى ونشاطاتها البيولوجيَّة، والمهمَّة الحقيقيَّةُ لهذا النَّشاطِ الشَّهري المعروفِ بدورة الحيضِ أو الدَّورة الشَّهريَّة هي جعل الحملِ مُمكِناً بإنضاج بويضةٍ واحدةٍ كلَّ شهرٍ، وتيسيرِ وصولِها إلى قناة البيضِ؛ لإخصابِها بحيوانٍ منويٍّ إن وُجِد.[٢][٣][٦]تبدأ دورة الحيض عند الفتاة بين السَّنة العاشرةِ والرَّابعة عشرة؛ لتعلِنَ بدايتُها بلوغَ الفتاة، واستعدادَها البيولوجيّ لحملِ جنينٍ في أحشائها، وتشتمل دورة الحيض دورتَين، هما: المبيض، الرّحم، وفيما يأتي بيانٌ لهما:
دورة المبيض
دورة المبيض فيها ثلاثة أطوارٍ تُعنى بإنضاج البويضة وإفرازها، ويتضمّن كلّ طورٍ عدّة تغيّراتٍ، كما يأتي:- الطّور الجُريبيّ (بالإنجليزيّة: Follicular Phase): هو الطَّور الأوَّل في دورة الحيض، ويتضمَّن سيطرةً هرمونيَّةً تُحدِث تغييراتٍ مهمَّةً لإنضاج بويضةٍ واحدةٍ من أحد المبيضينِ، فيما المبيض الآخر في فترةِ سكونٍ وراحة. تبدأ تغيُّرات هذا الطَّورِ بإفراز الغدَّةِ النُّخاميَّةِ هرموناً يُدعى الهرمون المنشِّطُ للحويصلة (بالإنجليزيّة: follicle stimulating hormone) واختصاره (FSH)، الذي يُنضِج حويصلةً واحدةً شهريّاً، أمّا الحويصلة النَّاضجة فإنَّها تُفرِز هرمون إستروجين؛ بهدفِ زيادةِ سُمك بطانة الرَّحم، وغزارة الأوعية الدَّمويَّةِ فيها.[٧][٨]
- طور الإباضة (بالإنجليزيّة: Ovulation Phase): زيادة هرمون إستروجين المُفرَز من الحويصلة النَّاضجة، والمُتراكمِ نسبياً في الدَّم، تقلّل مستويات الهرمون المنشِّط للحويصلة (FSH)، عن طريق تثبيطِ إفرازه من الغدّة النخاميَّة، ويعدُّ هذا الأمر ضروريّاً لمنع إنضاج حويصلاتٍ أخرى، ويفسِّر ذلك اقتصار المبايضِ على إفراز بويضةٍ واحدةٍ فقط كلَّ دورةٍ، ومن ناحيةٍ أخرى يبدأ إفراز الهرمون المنشِّط للجسم الأصفر الذي يتمّم نُضج حويصلة جراف، وحدوث الإباضة، أمَّا الفترة المُثلى لهذا الطّور فهي بين اليومَين الثاني عشر والسّادس عشر من أيّام الدَّورة الشَّهريَّة، فيما تحدث الإباضة لدى الفتياتِ ذوات الدَّورة المنتظَمة في اليوم الرَّابع عشر، ويشكّلُ ما تبقَّى من الحويصلةِ ما يُسمَّى الجسمَ الأصفر (بالإنجليزيَّة: Luteum)، ويصاحب عمليّةَ الإباضة نشاطٌ زائدٌ للغدَّة النُّخاميَّةِ في إفراز الهرمون المنشِّط للحويصلة (FSH)، والهرمون المنشِّط للجسم الأصفر (بالإنجليزيَّة: Luteal hormone) واختصاره (LH)، والذي يؤدّي بدوره إلى تسريع إنضاج البويضة.[٨][٩][١٠]
- طور الجسم الأصفر (بالإنجليزيّة: Luteal Phase): يفرز الجسم الأصفر هرمونَ البروجستيرون، وكميّةً ضئيلةً من هرمون الإستروجين، ويُثبّط هذان الهرمونان إنتاج الهرمون المنشّط للحويصلة، والهرمون المنشّط للجسم الأصفر، لذلك لا تنتج حويصلة جديدة ما دام الجسم الأصفر نشيطاً، ويحضّر هرمون البروجستيرون الرّحم لاستقبال البويضة المخصّبة وحضانة الجنين، عن طريق زيادة سُمك بطانة الرّحم، ويحدث ذلك بسبب إفراز الغلايكوجين والدّهن؛ لتوفير البيئة المناسبة لنموّ الجنين في حالة إخصاب البويضة، وحدوث الحمل.[١١]
دورة الرّحم
تتضمّن دورة الرّحم ثلاثة أطوارٍ تُعنى بتهيئته للجنين في حال حدوث الحمل، وتتدرّج الأطوار كما يأتي:- طور تدفُّق الطّمث (بالإنجليزيّة: Menstrual Flow Phase): يؤدّي اضمحلال الجسم الأصفر إلى انخفاض مستوى هرمون البروجستيرون في الدم في حالة عدم حدوث الحمل، ممّا يؤدّي إلى تراجع كميّة الدّم الواردة إلى بطانة الرّحم، فتموت الخلايا الطلائيّة المُبطّنة له، وبعدها تتّسع الأوعية الدمويّة، ويزيد ضخّ الدّم إلى الرّحم، ممّا يفصل البطانة عنه، مع كميّاتٍ مُتفاوتةٍ من الدّم، ويمثّل هذا الدّم مرحلةَ الطّمث التي تستمرّ من ثلاثة أيّام إلى خمسة، يبدأ بعدها المبيض الآخر في إعداد بويضةٍ ناضجةٍ جديدةٍ. [١٢]
- طور نموّ بطانة الرّحم (بالإنجليزيّة:Proliferative Phase): تتضمّن هذه المرحلة زيادة سُمك بطانة الرّحم بتأثير هرمون الإستروجين، الذي تفرزه حويصلة جراف النّاضجة. [١٣]
- طور الإفراز (بالإنجليزيّة: Secretory Phase): ينشِّط هرمون البروجستيرون الذي يفرزه الجسم الأصفر إفراز موادّ مخاطيَّة من بطانة الرّحم؛ للمحافظة على بطانته؛ استعداداً لانزراع البويضة المخصَّبة في حال حدوث الحمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق