-->

adcash790

-------popcash------- ‐-----------------

السبت، 18 أبريل 2020

شعر عنترة بن شداد في الغزل

شعر عنترة بن شداد في الغزل

الشعر الجاهلي

يُعرَّف الشعر الجاهلي على أنَّه فنُّ من فنون الأدب العربي الذي كتبَه الشعراء العرب الجاهليّون في الجاهلية، والجاهلية هي الفترة الزمنية التي سبقتْ ظهور الإسلام، حُفظ هذا الشعر عن طريق نشره بين الناس وحفظه دون تدوينه في البداية، ثمَّ تمَّ تدوينهُ وحفظه من الضياع، ولعلَّ أبرز الرواة الذين اهتموا بحفظ الشعر الجاهلي وتدوينه: حماد بن سلمة، خلف الأحمر، أبو عمرو بن العلاء، الأصمعي، المفضل الضبِّي، وقد اشتهر في الجاهلية مجموعة من الشعراء الفحول، على رأسهم امرؤ القيس والنابغة الذبياني والأعشى وعنترة بن شداد وزهير بن أبي سلمى، وفي هذا المقال سيتمُّ الحديث عن عنترة وعن شعر عنترة بن شداد في الغزل.[١]

عنترة بن شداد

قبل الحديث عن شعر عنترة بن شداد في الغزل، لا بُدّ من التعريف بنسبه، فهو عنترة بن شداد هو عنترة بن عمرو بن شداد بن معاوية بن قراد بن مخزوم بن ربيعة بن عوذ بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر، شاعر جاهلي فحل وصاحب معلقة من المعلقات العشر، ولد عنترة في شبه الجزيرة العربية في القرن السادس الميلادي، والراجح أنَّ ميلاده كان عام 525م، أبوه شداد سيد من أسياد قبيلة عبس، وأمُّه زبيبة ررغر أسرها العرب فأصبحت أمة من إماء شداد، ولأنَّ العرب لا تعترف بأبناء الإماء كان عنترة أيضًا عبدًا من العبيد، وقد اشتهرت قصة حب عنترة بن شداد لابنة عمِّه عبلة بنت مالك، حيث كانت عبلة واحدة من جميلات قومِها، ولكنَّ وقوف أبيها مالك وأخيها عمرو في وجه هذا الحبّ حالَ دون اكتماله.[٢]
وتقول القصة إنَّ عنترة تقدَّم لخطبة ابنة عمه، ولكنَّ أباها مالك رفض أن يزوجها لرجل أسود، أمَّا نهاية هذه القصة فقد اختلفت بحسب الرواة، فمن الرواة من قال إنَّ عنترة تزوج عبلة في نهاية المطاف، ومنهم من قال إنَّه لم يتزوجها بل تزوجها فارس من فرسان العرب، ولم تذكر المصادر عن عبلة الكثير باستثناء ما جاء من شعر عنترة في حب عبلة فقط، وما كتب لها من غزليات جاهلية ذكر فيها اسم عبلة الصريح في أكثر من موضع، وقد عاش عنترة بن شداد عمرًا طويلًا، حتَّى قيل إنَّه بلغ التسعين من العمر، والراجح أنَّه حياته تمتدُّ منذ عام 525م حتَّى عام 615م، وفيما يأتي شعر عنترة بن شداد في الغزل.[٢]

شعر عنترة بن شداد في الغزل

في الحيدث عن شعر عنترة بن شداد في الغزل، يمكن القول إنّ قصة الحب العميقة التي جمعتْ بين عنترة بن شداد وابنة عمه عبلة بنت مالك كانت سببًا في كتابة كثير من القصائد الغزلية التي جادتْ بها قريحة هذه الشاعر الكبير، والتي صرَّح فيها باسم عبلة تارةً وأخفى اسمها تارة أخرى، وفيما يأتي أبرز ما جاء من شعر عنترة بن شداد في الغزل:
* من شعر عنترة بن شداد في الغزل:[٣]
رمتِ الفؤادَ مليحةٌ عذراءُ
بسهامِ لحظٍ ما لهنَّ دواءُ
مَرَّتْ أوَانَ العِيدِ بَيْنَ نَوَاهِدٍ
مِثْلِ الشُّمُوسِ لِحَاظُهُنَّ ظِبَاءُ
فاغتالني سقمِيْ الَّذي في باطني
أخفيتهُ فأذاعهُ الإخفاءُ
خطرتْ فقلتُ قضيبُ بانٍ حرَّكتْ
أعْطَافَهُ بَعْدَ الجَنُوبِ صَبَاءُ
ورنتْ فقلتُ: غزالةٌ مذعورةٌ
قدْ راعهَا وسطَ الفلاةِ بلاءُ
وَبَدَتْ فَقُلْتُ البَدْرُ ليْلَةَ تِمِّهِ
قدْ قلَّدَتْهُ نُجُومَهَا الجَوْزَاءُ
بسمتْ فلاحَ ضياءُ لؤلؤ ثغرِها
فِيهِ لِدَاءِ العَاشِقِينَ شِفَاءُ
سَجَدَتْ تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايلَتْ
لجلالهِا أربابنا العظماءُ
يَا عَبْلَ مِثْلُ هَواكِ أَوْ أَضْعَافُهُ
عندي إذا وقعَ الإياسُ رجاءُ
إن كَانَ يُسْعِدُنِي الزَّمَانُ فإنَّني
في همِّتي لصروفهِ أرزاءُ
* ومن شعر عنترة بن شداد في الغزل:[٤]
سَلا القلبَ عَمّا كان يهْوى ويطْلبُ
وأصبحَ لا يشكو ولا يتعتبُ
صحا بعدَ سُكْرٍ وانتخى بعد ذِلَّةٍ
وقلب الذي يهوىْ العلى يتقلبُ
إلى كمْ أُداري من تريدُ مذلَّتي
وأبذل جهدي في رضاها وتغضبُ
عُبيلةُ! أيامُ الجمالِ قليلةٌ
لها دوْلةٌ معلومةٌ ثمَّ تذهبُ
فلا تحْسبي أنَّي على البُعدِ نادمٌ
ولا القلبُ في نارِ الغرام معذَّبُ
وقد قلتُ إنِّي قد سلوتُ عَن الهوى
ومَنْ كان مثلي لا يقولُ ويكْذبُ
هَجرتك فامضي حيثُ شئتِ وجرِّبي
من الناس غيري فاللبيب يجرِّبُ
لقدْ ذلَّ منْ أمسى على رَبْعِ منْزلٍ
ينوحُ على رسمِ الدَّيار ويندبُ
وقدْ فاز منْ في الحرْب أصبح جائلًا
يُطاعن قِرنًا والغبارُ مطنبُ
نَدِيمي رعاكَ الله قُمْ غَنِّ لي على
كؤوسِ المنايا مِن دمٍ حينَ أشرَبُ
ولاَ تسقني كأْسَ المدامِ فإنَّها
يَضلُّ بها عقلُ الشُّجَاع وَيذهَبُ
* ومن شعر عنترة بن شداد في الغزل:[٥]
يا طائِرَ البانِ قَد هَيَّجتَ أَشجاني
وَزِدتَني طَرَبًا يا طائِرَ البانِ
إِن كُنتَ تَندُبُ إِلفًا قَد فُجِعتَ بِهِ
فَقَد شَجاكَ الَّذي بِالبَينِ أَشجاني
زِدني مِنَ النَوحِ وَاِسعِدني عَلى حَزَني
حَتّى تَرى عَجَبًا مِن فَيضِ أَجفاني
وَقِف لِتَنظُرَ ما بي لا تَكُن عَجِلًا
وَاِحذَر لِنَفسِكَ مِن أَنفاسِ نيراني
وَطِر لَعَلَّكَ في أَرضِ الحِجازِ تَرى
رَكبًا عَلى عالِجٍ أَو دونَ نَعمانِ
يَسري بِجارِيَةٍ تَنهَلُّ أَدمُعُه
شَوقًا إِلى وَطَنٍ ناءٍ وَجيرانِ
ناشَدتُكَ اللَهَ يا طَيرَ الحَمامِ إِذا
رَأَيتَ يَومًا حُمولَ القَومِ فَاِنعاني
وَقُل: طَريحًا تَرَكناهُ وَقَد فَنِيَت
دُموعُهُ وَهوَ يَبكي بِالدَمِ القاني
* ومن شعر عنترة بن شداد في الغزل:[٦]
أَتاني طَيفُ عَبلَةَ في المَنامِ
فَقَبَّلَني ثَلاثًا في اللَثامِ
وَوَدَّعَني فَأَودَعَني لَهيبًا
أُسَتِّرُهُ وَيَشعُلُ في عِظامي
وَلَولا أَنَّني أَخلو بِنَفسي
وَأُطفِئُ بِالدُموعِ جَوى غَرامي
لَمُتُ أَسىً وَكَم أَشكو لِأَنّي
أَغارُ عَلَيكِ يا بَدرَ التَمامِ
أَيا اِبنَةَ مالِكٍ كَيفَ التَسَلّي
وَعَهدُ هَواكِ مِن عَهدِ الفِطامِ
وَكَيفَ أَرومُ مِنكِ القُربَ يَومًا
وَحَولَ خِباكِ آسادُ الأَجامِ
وَحَقِّ هَواكِ لا داوَيتُ قَلبي
بِغَيرِ الصَبرِ يا بِنتَ الكِرامِ
إِلى أَن أَرتَقي دَرَجَ المَعالي
بِطَعنِ الرُمحِ أَو ضَربِ الحُسامِ
أَنا العَبدُ الَّذي خُبِّرتِ عَنهُ
رَعَيتُ جِمالَ قَومي مِن فِطامي
أَروحُ مِنَ الصَباحِ إِلى مَغيبٍ
وَأَرقُدُ بَينَ أَطنابِ الخِيامِ
أَذِلُّ لِعَبلَةٍ مِن فَرطِ وَجدي
وَأَجعَلُها مِنَ الدُنيا اِهتِمامي
وَأَمتَثِلُ الأَوامِرَ مِن أَبيها
وَقَد مَلَكَ الهَوى مِنّي زِمامي
رَضيتُ بِحُبِّها طَوعًا وَكَرهًا
فَهَل أَحظى بِها قَبلَ الحِمامِ؟
وَإِن عابَت سَوادي فَهوَ فَخري
لِأَنّي فارِسٌ مِن نَسلِ حامِ
وَلي قَلبٌ أَشَدُّ مِنَ الرَواسي
وَذِكري مِثلُ عَرفِ المِسكِ نامي
وَمِن عَجَبي أَصيدُ الأُسدَ قَهرًا
وَأَفتَرِسُ الضَواري كَالهَوامِ
وَتَقنُصُني ظِبا السَعدِي وَتَسطو
عَلَيَّ مَها الشَرَبَّةِ وَالخُزامِ
لَعَمرُ أَبيكَ لا أَسلو هَواها
وَلَو طَحَنَت مَحَبَّتُها عِظامي
عَلَيكِ أَيا عُبَيلَةُ كُلَّ يَومٍ
سَلامٌ في سَلامٍ في سَلامِ
* ومن شعر عنترة بن شداد في الغزل:[٧]
هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ
أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ
يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي
وَعَمي صَباحًا دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي
فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها
فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ
وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا
بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ
حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ
أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ
حَلَّت بِأَرضِ الزائِرينَ فَأَصبَحَت
عَسِرًا عَلَيَّ طِلابُكِ اِبنَةَ مَخرَمِ
عُلِّقتُها عَرَضًا وَأَقتُلُ قَومَها
زَعمًا لَعَمرُ أَبيكَ لَيسَ بِمَزعَمِ
وَلَقَد نَزَلتِ فَلا تَظُنّي غَيرَهُ
مِنّي بِمَنزِلَةِ المُحَبِّ المُكرَمِ
كَيفَ المَزارُ وَقَد تَرَبَّعَ أَهلُها
بِعُنَيزَتَينِ وَأَهلُنا بِالغَيلَمِ
إِن كُنتِ أَزمَعتِ الفِراقَ فَإِنَّما
زُمَّت رِكابُكُمُ بِلَيلٍ مُظلِمِ
ما راعَني إِلّا حَمولَةُ أَهلِها
وَسطَ الدِيارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمخِمِ
فيها اِثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً
سودًا كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ
إِذ تَستَبيكَ بِذي غُروبٍ واضِحٍ
عَذبٍ مُقَبَّلُهُ لَذيذِ المَطعَمِ
وَكَأَنَّ فارَةَ تاجِرٍ بِقَسيمَةٍ
سَبَقَت عَوارِضَها إِلَيكَ مِنَ الفَمِ
أَو رَوضَةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبتَها
غَيثٌ قَليلُ الدِمنِ لَيسَ بِمَعلَمِ
جادَت عَليهِ كُلُّ بِكرٍ حُرَّةٍ
فَتَرَكنَ كُلَّ قَرارَةٍ كَالدِرهَمِ
سَحًّا وَتَسكابًا فَكُلَّ عَشِيَّةٍ
يَجري عَلَيها الماءُ لَم يَتَصَرَّمِ
وَخَلا الذُبابُ بِها فَلَيسَ بِبارِحٍ
غَرِدًا كَفِعلِ الشارِبِ المُتَرَنِّمِ
هَزِجًا يَحُكُّ ذِراعَهُ بِذِراعِهِ
قَدحَ المُكِبِّ عَلى الزِنادِ الأَجذَمِ
تُمسي وَتُصبِحُ فَوقَ ظَهرِ حَشِيَّةٍ
وَأَبيتُ فَوقَ سَراةِ أَدهَمَ مُلجَمِ
وَحَشِيَّتي سَرجٌ عَلى عَبلِ الشَوى
نَهدٍ مَراكِلُهُ نَبيلِ المَحزِمِ
هَل تُبلِغَنّي دارَها شَدَنِيَّةٌ
لُعِنَت بِمَحرومِ الشَرابِ مُصَرَّمِ
خَطّارَةٌ غِبَّ السُرى زَيّافَةٌ
تَطِسُ الإِكامَ بِوَخذِ خُفٍّ ميثَمِ
وَكَأَنَّما تَطِسُ الإِكامَ عَشِيَّةً
بِقَريبِ بَينَ المَنسِمَينِ مُصَلَّمِ
تَأوي لَهُ قُلُصُ النَعامِ كَما أَوَتْ
حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لِأَعجَمَ طِمطِمِ
يَتبَعنَ قُلَّةَ رَأسِهِ وَكَأَنَّهُ
حِدجٌ عَلى نَعشٍ لَهُنَّ مُخَيَّمِ
صَعلٍ يَعودُ بِذي العُشَيرَةِ بَيضَهُ
كَالعَبدِ ذي الفَروِ الطَويلِ الأَصلَمِ
شَرِبَت بِماءِ الدُحرُضَينِ فَأَصبَحَت
زَوراءَ تَنفِرُ عَن حِياضِ الدَيلَمِ
* ومن شعر عنترة بن شداد في الغزل:[٨]
صحا مِنْ بعْدِ سكرته فؤَادي
وعاود مقْلتي طِيبُ الرُّقاد
وأصبح من يعاندني ذليلًا
كَثيرَ الهَمّ لا يَفْدِيهِ فادي
يرى في نومهِ فتكات سيفي
فَيَشْكُو ما يَرَاهُ إلى الوِسادِ
ألا يا عبلُ قد عاينتِ فعلي
وبانَ لكِ الضلالُ من الرَّشاد
وإنْ أبْصَرْتِ مِثْلِي فاهْجُريني
ولا يَلْحَقْكِ عارٌ مِنْ سَوادي
وإلاَّ فاذكري طَعني وَضَربي
إذا ما لَجّ قَوْمُك في بِعادي
طَرَقْتُ ديار كِنْدَةَ وهي تدْوي
دويَّ الرعدِ منْ ركضِ الجياد
وبَدَّدْتُ الفَوارِسَ في رُباها
بطعنٍ مثلِ أفواه المزادِ
وَخَثْعَمُ قد صَبَحْناها صَباحًا
بُكُورًا قَبْلَ ما نادى المُنادي
غدوا لما رأوا من حد سيفي
نذير الموت في الأرواحِ حاد
وعُدْنا بالنّهابِ وبالسَّرايا
وبالأَسرَى تُكَبَّلُ بالصَّفاد
* ومن شعر عنترة بن شداد في الغزل:[٩]
أشاقكَ مِنْ عَبلَ الخَيالُ المُبَهَّجُ
فقلبكَ فيه لاعجٌ يتوهجُ
فقَدْتَ التي بانَتْ فبتَّ مُعذَّبا
وتلكَ احتواها عنكَ للبينِ هودجُ
كأَنَّ فُؤَادي يوْمَ قُمتُ مُوَدِّعًا
عُبَيْلَة مني هاربٌ يَتَمعَّجُ
خَليلَيَّ ما أَنساكُمَا بَلْ فِدَاكُمَا
أبي وَأَبُوها أَيْنَ أَيْنَ المعَرَّجُ
ألمَّا بماء الدُّحرضين فكلما
دِيارَ الَّتي في حُبِّها بتُّ أَلهَجُ
دِيارٌ لذَت الخِدْرِ عَبْلةَ أصبحتْ
بها الأربعُ الهوجُ العواصِف ترهجُ
ألا هلْ ترى إن شطَّ عني مزارها
وأزعجها عن أهلها الآنَ مزعجُ
فهل تبلغني دارها شدنيةٌ
هملعةٌ بينَ القفارِ تهملجُ
تُريكَ إذا وَلَّتْ سَناماً وكاهِلًا
وإنْ أَقْبَلَتْ صَدْرًا لها يترَجْرجُ
عُبيلة ُ هذا دُرُّ نظْمٍ نظمْتُهُ
وأنتِ لهُ سلكٌ وحسنٌ ومنهجُ
وَقَدْ سِرْتُ يا بنْتَ الكِرام مُبادِرًا
وتحتيَ مهريٌ من الإبل أهوجُ
بأَرْضٍ ترَدَّى الماءُ في هَضَباتِها
فأَصْبَحَ فِيهَا نَبْتُها يَتَوَهَّجُ
وأَوْرَقَ فيها الآسُ والضَّالُ والغضا
ونبقٌ ونسرينٌ ووردٌ وعوسجُ
لئِنْ أَضْحتِ الأَطْلالُ مِنها خَواليًا
كأَنْ لَمْ يَكُنْ فيها من العيش مِبْهجُ
فيا طالما مازحتُ فيها عبيلةً
ومازحني فيها الغزالُ المغنجُ
أغنُّ مليحُ الدلَّ أحورُ أَكحلٌ
أزجُّ نقيٌ الخدَّ أبلجُ أدعجُ
لهُ حاجِبٌ كالنُّونِ فوْقَ جُفُونِهِ
وَثَغْرٌ كزَهرِ الأُقْحُوَانِ مُفَلَّجُ
وردْفٌ له ثِقْلٌ وَقدٌّ مُهَفْهَفُ
وخدٌّ به وَرْدٌ وساقٌ خَدَلَّجُ
وبطنٌ كطيِّ السابريةِ لينٌ
أقبّ لطيفٌ ضامرُ الكشح أنعجُ
لهوتُ بها والليلُ أرخى سدولهُ
إلى أَنْ بَدا ضَوْءُ الصَّباح المُبلَّجُ
أراعي نجومَ الليلُ وهي كأنها
قواريرُ فيها زئبق يترجرجُ
وتحتي منها ساعدٌ فيه دملجٌ
مُضِيءٌ وَفَوْقي آخرٌ فيه دُمْلجُ
وإخوانُ صدق صادقينَ صحبتهمْ
على غارة من مثلها الخيلُ تسرجُ
تَطوفُ عَلَيْهمْ خَنْدَرِيسٌ مُدَامَةٌ
تَرَى حَبَبًا مِنْ فَوْقِها حينَ تُمزَجُ
ألا إنَّها نِعْمَ الدَّواءُ لشاربٍ
أَلا فاسْقِنِيها قَبْلما أَنْتَ تَخْرُج
فنضحيْ سكارى والمدامُ مصفَّفٌ
يدار علينا والطعامُ المطبهجُ
وما راعني يومَ الطعانِ دهاقهُ
إلى مثلٍ منْ بالزعفرانِ نضرِّجُ
فأقبلَ منقضَّا عليَّ بحلقهِ
يقرِّبُ أحيانًا وحينًا يهملجُ
فلمَّا دنا مِني قَطَعْتُ وَتِينَهُ
بحدِّ حسامٍ صارمٍ يتفلجُ
كأنَّ دماءَ الفرسِ حين تحادرتْ
خلوقُ العذارى أو خباءُ مدبجُ
فويلٌ لكسرى إنْ حللتُ بأرضهِ
وويلٌ لجيشِ الفرسِ حين أعجعجُ
وأحملُ فيهمْ حملةً عنتريةً
أرُدُّ بها الأَبطالَ في القَفْر تُنبُجُ
وأصدمُ كبش القوم ثمَّ أذيقهُ
مرارَةَ كأْسِ الموتِ صبْرًا يُمَجَّجُ
وآخُذُ ثأرَ النّدْبِ سيِّدِ قومِهِ
وأضرُمها في الحربِ نارًا تؤجَّجُ
وإني لحمالٌ لكلِّ ملمةٍ
تَخِرُّ لها شُمُّ الجبالِ وَتُزْعَجُ
وإني لأحمي الجارَ منْ كلّ ذلةٍ
وأَفرَحُ بالضَّيفِ المُقيمِ وأَبهجُ
وأحمي حمى قومي على طول مدَّتي
إلى أنْ يروني في اللفائفِ أدرجُ
فدُونَكُمُ يا آلَ عَبسٍ قصيدةً
يلوحُ لها ضوْءٌ منَ الصُّبْح أبلَجُ
ألا إنها خيرُ القصائدِ كلها
يُفصَّل منها كلُّ ثوبٍ وينسجُ
* ومن شعر عنترة بن شداد في الغزل:[١٠]
بين العقيق وبينَ برْقَةِ ثَهْمَدِ
طللٌ لعبلةَ مستهلُّ المعهدِ
يا مسرحَ الآرام في وادي الحمى
هل فيكَ ذو شجنٍ يروحُ ويغتدي؟
في أَيمَن العَلميْن دَرْسُ مَعالمٍ
أوهى بها جلدي وبانَ تجلدِي
منْ كلّ فاتنةٍ تلفتَ جيدُها
مرحًا كسالفةِ الغزالِ الأغيد
يا عبْلُ كمْ يُشْجَى فُؤَادي بالنَّوى
ويرُوعني صَوْتُ الغُرابِ الأَسودِ
كيف السُّلوُّ وما سمعتُ حمائمًا
يَنْدُبْنَ إلاّ كُنْتُ أوَّلَ منْشِدِ
ولقدْ حبستُ الدَّمع لا بخلًا بهِ
يوْم الوداعِ على رُسوم المَعهَدِ
وسألتُ طير الدَّوح كم مثلي شجا
بأنينهِ وحنينهِ المتردّد
ناديتهُ ومدامعي منهلةٌ
أيْن الخليُّ منَ الشَّجيِّ المُكْمَدِ
لو كنتَ مثلي ما لبثت ملوّنًا
وهتفت في غضن النقا المتأوّد
رَفعوا القبابَ على وُجوهٍ أشْرَقَتْ
فيها فغيّبت السهى في الفرقد
واسْتوْقفُوا ماءَ العُيونِ بأعينٍ
مَكحولة بالسِّحْر لا بالإثمِدِ
والشمسُ بين مضرَّجِ ومبلجٍ
والغُصنُ بين موَشَّحٍ ومقلَّدِ
يطلعنَ بين سوالفٍ ومعاطف
وقلائد منْ لؤلؤٍ وزبرجدِ
قالوا اللّقاء غدًا بمنْعَرَج اللِّوى
وا طولَ شَوْقِ المستَهامِ إلى غدِ
وتخالُ أنفاسي إذا ردَّدتها
بين الطلول محتْ نقوشَ المبْرد
وتنوفةٍ مجهولةٍ قد خضتها
بسنان رمحٍ نارهُ لمْ تخمدِ
باكرتها في فتيةٍ عبسيةٍ
منْ كلِّ أرْوعَ في الكريهةِ أصيدِ
وتَرى بها الرَّاياتِ تَخفُقُ والقنا
وَتَرى العَجاجَ كمثْل بَحرٍ مُزْبدِ
فهناك تنْظرُ آلُ عَبْسٍ مَوْقفي
والخيْلُ تَعثُر بالوشيج الأَمْلدِ
وبوارقُ البيض الرقاقِ لوامعٌ
في عارض مثلِ الغمام المرعدِ
وذوابلُ السُّمر الدّقاق كأَنّها
تحتَ القتام نُجومُ لَيْلٍ أسوَد
وحوافرُ الخيل العتاق على الصفا
مثْلُ الصواعق في قفار الفدْفدِ
باشرْتُ موكبها وخضتُ غُبارَها
أطفأتُ جَمرَ لهيبها المتوقِّدِ
وكررتُ والأبطالُ بينَ تصادمٍ
وتهاجمٍ وتحزُّبٍ وتشدُّدِ
وفَوارسُ الهيجاءِ بينَ ممانعٍ
ومُدافعٍ ومخادعٍ ومُعربدِ
والبيضُ تلمعُ والرِّماح عواسلٌ
والقومُ بين مجدَّلٍ ومقيدِ
ومُوسَّدٍ تَحْتَ التُّرابِ وغيرُهُ
فوقَ الترابِ يئنُ غير موسَّدِ
والجوُّ أقتمُ والنجومُ مضيئةٌ
والأفقُ مغبرُّ العنانِ الأربدِ
أقحمتُ مهري تحتَ ظلّ عجاجةٍ
بسنان رمحٍ ذابلٍ ومهندِ
رَغَّمتُ أنفَ الحاسِدينَ بسَطْوتي
فغدوا لها منْ راكعين وسجَّدِ
* ومن شعر عنترة بن شداد في الغزل:[١١]
هاجَ الغَرامُ فَدُر بِكَأسِ مُدامِ
حَتّى تَغيبَ الشَمسُ تَحتَ ظَلامِ
وَدَعِ العَواذِلَ يُطنِبوا في عَذلِهِم
فَأَنا صَديقُ اللَومِ وَاللُوّامِ
يَدنو الحَبيبُ وَإِن تَناءَت دارُهُ
عَنّي بِطَيفٍ زارَ بِالأَحلامِ
فَكَأَنَّ مَن قَد غابَ جاءَ مُواصِلي
وَكَأَنَّني أومي لَهُ بِسَلامِ

المراجع[-]

  1. "أدب جاهلي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "عنترة بن شداد"، www.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020. بتصرّف.
  3. "رمتِ الفؤادَ مليحة ٌ عذراءُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020.
  4. "سَلا القلبَ عَمّا كان يهْوى ويطْلبُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020.
  5. "يا طائر البان قد هيجت أشجاني"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020.
  6. "أتاني طيف عبلة في المنام"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020.
  7. "هل غادر الشعراء من متردم"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020.
  8. "صحا مِنْ بعْدِ سكرته فؤَادي"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020.
  9. "أشاقكَ مِنْ عَبلَ الخَيالُ المُبَهَّجُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020.
  10. "بين العقيق وبينَ برْقَة ِ ثَهْمَد"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020.
  11. "هاج الغرام فدر بكأس مدام"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-01-2020.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق