-->

adcash790

-------popcash------- ‐-----------------

الأربعاء، 22 أبريل 2020

تحليل قصيدة المتنبي واحر قلباه

تحليل قصيدة المتنبي واحر قلباه

المتنبي

أبو الطيب المتنبي هو أحمد بن الحسين الجعفي الكندي (915م-965م)، الشاعر الحكيم وأحد مفاخر الأدب العربي، ولد بالكوفة في منطقة كندة وإليها نسبته، نشأ بالشام، وتنقَّل في البادية يستقي الأدب وعلوم العربية فقال الشعر صبيًّا، تنبأ في السماوة بين الكوفة والشام وقبل أن يعظُمَ أمره خرجَ إليه أمبر حمص لؤلؤ وأسرَه وسجنَه حتى تابَ، ثمَّ مكثَ عند سيف الدولة الحمداني في حلب ومدحه وكانت له عنده حظوة، وانتقل إلى كافور في مصر ومدحه وطلبَ منه أن يولِّيه فرفض، فغضب المتنبي ورحل يهجوه، ثمَّ قصد العراق وبلاد فارس، وعاد يريد يغداد فاعترض طريقه فاتك الأسدي خال ضبة الذي هجاه المتنبي ومعه جماعة فاقتتلوا وقتل المتنبي وولده محسد وغلامه مفلح بالنعمانية قرب بغداد. [١]

تحليل قصيدة المتنبي واحر قلباه

هذه القصيدة هي آخر قصيدة قالها المتنبي في حضرة سيف الدولة وهي بمثابة عتاب كبير منه بعدَ أن سمِعَ سيفُ الدولة للمبغضين الذين أوقعوا بينه وبين المتنبي، بدأ المتنبي القصيدةَ بتأوهٍ يخرجُ مكنونَ نفسهِ من الألم والضيق الذي يعاني به من حبِّ سيف الدولة الذي لا يبادله هذه المحبة، وهذا ما سبب المرض والسقم للشاعر، ثمَّ يتغنَّى بحبِّه لسيف الدولة في الأبيات التي تلي المطلع:
واحرَّ  قلباهُ ممن قلبه شبمُ     ومن بجسمي وحالي عنده سقمُ
مالي أكتِّم حبًّا قد برى جسدي     وتدَّعي حبَّ سيف الدولة الأممُ
إن كانَ يجمعُنا حبٌّ لغرَّته        فليتَ أنَّا بقدر الحبِّ نقتسم
ثمَّ كعادته في قصائده لسيف الدولة يسهبُ في المدح الذي تميَّزَ به شعرُه، فيمدحُ الأمير بشيمِه وأخلاقِه: فكان أحسن خلقِ الله كلِّهم وكان أحسن ما في الأحسن الشيمُ. ثمَّ يمدحُ قوَّة سيف الدولة وخوضه للمعارك والظفر الذي يحقِّقه على أعدائه، فيقول:
أكلَّما رمتَ جيشًا فانثنى هربًا     تصرَّفت بك في آثاره الهِممُ
عليكَ هزمهمُ في كلِّ معتركٍ       وما عليكَ بهم عارٌ إذا انهزموا
ثمَّ يوجِّه عتابه الكبير للأمير العادل الذي لم يعدل بالحكم على المتنبي، وربَّما حسِبَ الورم الذي يعاني منه المتنبي من الألم والضيق شحمًا على حسب قوله، فيقول:
يا أعدل الناس إلا في محاكمتي       فيكَ الخصام وأنت الخصمُ والحكم
ثمَّ يبدأ وعلى مسمعِ الجميع في مجلس سيف الدولة بأبيات الفخر التي يفتخرُ بها بنفسه، وهذه الأبيات الشهيرة والتي قد تكون من أشهر أبيات المتنبي في الفخر، تحملُ في طيَّاتها الكثير من الصفات التي ترفعُ المتنبي عن أقرانه الذي يجلسون عند سيف الدولة، ولم يترك بها مجالًا للشكِّ بمدى اعتزاز الشاعر بنفسه رغم وجوده في مجلس الأمير سيف الدولة، ويؤكدُ أنه أشهرُ الجميع وأنَّه عندما ينامُ ليلًا مطمئنًا فإنَّ الجميعَ ينشغل به وبشعره، وربَّما بذلكَ قيل عنه: المتنبي مالئُ الدنيا وشاغلُ الناس، فيقول في أبيات الفخر:
سيعلمُ الجمعُ ممَّن ضمَّ مجلسُنا     بأنَّني خيرُ من تسعَى به قدمُ
أنا الذي نظرَ الأعمى إلى أدبي       وأسمعَت كلماتِي من بهِ صممُ
أنامُ ملء جفوني عن شواردها        ويسهرُ الخلقُ جرَّاها ويختصمُ
ويقول بعد ذلك مؤكِّدًا على أنَّه شهرتَه فاقت الأسماع والأنظار، فلبطولته صارت الخيل والليل والصحراء تعرفه ولفصاحته أصبح يعرفه القلم والقرطاس:
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفني         والسيف والرمحُ والقرطاس والقلمُ
ويعيدُ الكرَّة بالعتاب لسيف الدولة، ويتألم ويتحسَّر لأنَّه سيفارقه، ويخبرُه أن الجراح التي يتألم بها إذا كانت مصدرَ سرورٍٍ للأمير فإنَّها ليست ذات ألم للشاعر، ثمَّ يفخرُ بنفسه مرةً ثانية مبرئًا نفسه من كلِّ عيبٍ، ويختمُ في نهاية القصيدة بكلمات حكمٍ وعبر هي قمَّةٌ في الجمال والورعة، عن البلاد التي تخلو من الصحاب، فيقول:
شرُّ البلاد مكان لا صديقَ به           وشرّث ما يكسبُ الإنسان ما يصمُ
وبعدها يخبرُ الأميرَ سيف الدولةَ أنَّ هذا العتاب ليس سوى محبَّةً منه، تضمَّن دررًا ثمينةً لكنَّه عبارة عن كلمات يمدحُ الأمير بها ويحاول أن يوضِّحَ له الكذب الذي أوغرَ به الحاسدون صدر الأمير عليه، فيقول في الختام: هذا عتابُكَ إلا أنَّه مِقةٌ  قد ضُمَّن الدرَّ إلَّا أنَّه كلمُ [٢].

مناسبة قصيدة واحر قلباه

بعدَ أن حظيَ المتنبي بمنزلةٍ رفيعةٍ عند سيف الدولة الحمداني حاول ناسٌ من حسَّاد المتنبي أن يوقعوا بينهما أمثال ابن خالويه وأبي فراس الحمداني، وقد أفلحوا بأنْ يوغروا صدرَ سيفِ الدولة على المتنبي، وقد حاول المتنبي أن يُصلحَ الأمر بينه وبين الأمير لكنَّ سيف الدولة لم يستجِب لنداءات المتنبي فعلِمَ الأخيرُ أنَّ الفراقَ والقطيعة بينهما قادمةٌ لا محالة، فكتب قصيدته الشهيرة يريدُ بها كشفَ الزيف الذي جاء به الحاسدون والمبغضون وإظهارَ الحقائق لسيف الدولة، فأنشد القصيدة يعد ذلك في مجلس الأمير وأمام أعينِ الجميع، ومطلع القصيدة: واحرَّ  قلباهُ ممن قلبه شبمُ ومن بجسمي وحالي عنده سقمُ [٣].

المراجع[+]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق