أهمية المساجد في الإسلام
تعدّ المساجد في الإسلام بيوتاً لله تعالى، لذلك فهي أشرف الأماكن على وجه الأرض، ولها أهميةٌ بالغةٌ عظيمةٌ عند المسلمين، وقد اكتسبت هذا الشرف؛ لأنّ ذكر الله تعالى يتردّد فيها صباحاً مساءً، ودائماً ما يملؤها رجالٌ لا يغفلون عن طاعة الله تعالى في شغلهم، وفراغهم، وحِلّهم، وترحالهم، والمساجد تعالج قلوب الناس، فهي تغيّر حالها من الشقاء إلى السعادة، ومن الهمّ إلى الانشراح، وتجعلها رقيقةً نظيفةً من الآثام التي يرتكبها الإنسان، كما أنّ الملائكة ترُفّ عليها بأجنحتها، والرحمة تتنزّل عليها، وفيها تحصل التربية الإسلامية للمسلمين، فتُلقى فيها المحاضرات والدروس، ويجتمع فيها المسلمون ويصطفون صفاً واحداً خلف إمامٍ واحدٍ، متجاوزين كلّ أنواع الفروق بينهم، كلّهم أمام الله -عزّ وجلّ- وبين يديه متساوون، لا فضل لأحدهم على الآخر؛ إلّا بما يحمله في قلبه من تقوى الله عزّ وجلّ، ممّا يربيهم على التعاون والتكاتف، وعدم الاعتداء على بعضهم، فتتأكّد بذلك معاني الإسلام السامية في نفوسهم، وتترسّخ فيها عظمة هذا الدين وفضله.[١]ولأهمية المساجد ودورها في بناء المجتمع المسلم وإصلاحه، حرص الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على تأسيس المساجد في المدينة المنورة بمجرّد وصوله إليها، فكان الصحابة -رضوان الله عليهم- بعدها يحضرون إلى هذا المسجد، ويتلقّون فيه العلم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويسألونه فيه عن أمور دينهم ودنياهم، حتى أصبح مصدر إشعاعٍ ونورٍ للعالم أجمع، وبدأت بعدها حلقات العلم والدروس تنشأ في المساجد على امتداد البلاد الإسلامية، فكان العلماء يجلسون فيها، ويلقون علمهم على من أراد التعلّم من الناس، فلم تكن هناك مدارسٌ في ذلك الزمان، وقد شهد التاريخ على دور المساجد في النهضة الإسلامية الواسعة، لِما كانت عليه من منارةٍ تنتشر منها العلوم والمعارف والثقافة الإسلامية، ولم يقتصر الأمر على ذلك؛ بل كانت مراكزاً لتربية النفوس وتأديبها، فيتعلّم الناس فيها الحِلم، والأناة، والتلطّف، والرفق، فكانت تؤهّل من يدخلها من المسلمين للحياة النافعة الكريمة، وتحثّهم على التقوى والتطهير في قلوبهم وأبدانهم أيضاً.[١]
صلاة تحية المسجد
ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حديثٌ يأمر فيه من دخل إلى المسجد، أن يصلّي ركعتين قبل الجلوس فيه، حيث قال: (إِذا دخل أحدكم المسجد فلا يَجلس حتى يصلِّي ركعتين)،[٢] وهاتين الركعتين هما صلاة تحية المسجد، واستدلّ أكثر العلماء بهذا الحديث للقول بأنّ صلاة تحيّة المسجد تأخذ حكم السنّة، بل ونقل بعض العلماء الإجماع على ذلك، فقد قال الإمام النووي رحمه الله: (إنّ العلماء قد أجمعوا على استحباب أداء صلاة تحيّة المسجد، وكراهية أن يجلس الإنسان فيه دون أن يصليها بلا عذرٍ)، وقد قال ابن عثيمين رحمه الله: (إنّ القول بوجوب تحية المسجد، قولٌ قويٌ إلّا أنّ الأقرب كونها سنةٌ مؤكدةٌ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم)، ويكون استحباب أداء صلاة تحية المسجد، لمن كان دخوله إلى المسجد غير متكررٍ بشكلٍ كبيرٍ، أمّا من يتواتر دخوله إليه مراراً، كأن يدخل في الساعة الواحدة أكثر من مرةٍ فيجزئه، وإن لم يصلّ تحية المسجد في كلّ مرةٍ يدخل فيها إليه.[٣][٤]والتحيّات الواردة شرعاً ثلاثة؛ التحيّة الأولى: تحيّة المساجد عامةً؛ وتكون بصلاة ركعتين فيها عند دخولها، والتحية الثانية: تحية البلد الحرام عند الدخول إليه، وتكون بإحرام المسلم للحجّ أو العمرة، والتحية الثالثة: تحية المسجد الحرام على وجه الخصوص، وتكون بأن يطوف المسلم حول البيت العتيق إذا دخله، ولا يلزمه أن يطوف كلّما دخله، بل يمكنه أن يصلّي ركعتين تحيّة المسجد، فإن طاف كفاه، وإلّا صلّى ركعتين للتحية، ويجوز أداء صلاة تحيّة المسجد في أوقات النهي أيضاً، لأنّها تُعدّ صلاةً لها سبب، وكلّ صلاةٍ لها سبب يجوز أداؤها في وقت النهي، فإن دخل المسلم المسجد بعد أن أدّى صلاة العصر، جاز له أن يصلّي ركعتين لتحيّة المسجد، وكذلك بعد صلاة الفجر، ونحوها من أوقات النهي، وإنّما يُكره أداؤها إذا وجد المسلم الإمام قد شرع في الصلاة المكتوبة، أو كان دخوله على المسجد الحرام فالأولى حينها أن ينشغل بالطواف.[٤][٥][٦]
آداب الجلوس في المسجد
لمّا كان للمسجد أهميةٌ وفضلٌ عظيمين في الإسلام، فإنّ للجلوس فيه، والتعامل معه آدابٌ لا بدّ للمسلم من مراعاتها، فيما يأتي بيانها: [٧]- الحرص على الإسهام في بناء المساجد، وعمارتها؛ فهذا من صفات أهل الإيمان، وعمارة المساجد على نوعين: العمارة الحسيّة؛ والتي تكون ببناء المساجد للناس؛ حتى يصلّوا فيها، ويتعبّدوا لله تعالى تحت جدرانها، والعمارة المعنوية: والتي يُراد بها أداء الصلاة فيها، والاعتكاف، وقراءة القرآن، والدعاء، ونحو ذلك من العبادات، مع اتخاذها مكاناً للتربية والتوجيه.
- إتيان المسجد مشياً، مع جواز الركوب إليه، إلّا أنّ الأولى والأعظم أجراً ذهاب المسلم إلى المسجد مشياً، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ أعظمَ الناسِ أجراً في الصلاةِ، أبعدُهم إليها ممشى، فأبعدُهم).[٨]
- الحرص على حضور صلاة الجماعة في المسجد؛ وذلك لأنّ من أدّاها جماعةً؛ كان أجره مضاعفاً سبعاً وعشرين مرةً عن أجر من أدّاها منفرداً.
- أداء صلاة تحيّة المسجد عند دخول؛ لما ورد في الحثّ عليها.
- الاجتهاد في المحافظة على نظافة المسجد:؛ كالحرص على إبعاد كلّ أنواع النجاسات والقذارات عنه.
- عدم الاستعجال عند سماع الإقامة في المسجد.
- ترك أكل وشرب ما له رائحةٌ كريهةٌ؛ كالبصل، والثوم، والدخان، ونحوها عند الذهاب إلى المسجد؛ حتى لا يؤذي الإنسان المصلّين بذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق