- عندما يتعلق الأمر
بالإنقراض , فإن النباتات لا تحظى بنفس القدر من الإهتمام الذي تحظاه
الحيوانات , فدائماً ما نسمع عبارت مثل " لننقذ الحيتان " , " لننقذ وحيد
القرن " , , وغيرها من الحيوانات المعرضة للإنقراض - وينبغي لنا أن نفعل
بالفعل كل ما في وسعنا لضمان وجود تلك الحيوانات مستقبلاً , ولكن هناك
العديد من النباتات التي ربما ستُمحى قريباً من على وجه الأرض , بل أن قليل
من الناس من هم على علم بالنباتات المدهشة التي فقدناها بالفعل وأصبحت
أنواعاً منقرضة للأبد .
اليوم نجد أن 22% على
الأقل من النباتات معرضة لخطر الإنقراض .. ولكن في تلك القائمة دعونا نتعرف
على النباتات التي فقدناها عبر التاريخ ...
1- Strychnos electri
- يعرف العلماء الكثير عن النباتات
القديمة حقاً , وذلك بفضل البصمات الأحفورية , لكنهم اكتشفوا نبات
Strychnos electri المنقرض بطريقة مدهشة , حيث بدأ الأمر كله في عام 1986 ,
عندما قام عالم الحشرات في جامعة ولاية اوريغون " جورج بوينر " برحلة
ميدانية إلى جمهورية الدومينيكان , وقام بجمع حوالي 500 عينة أحفورية
محفوظة داخل العنبر ( ويسمى أيضا الكهرمان وهو إفراز عضوي ( راتنج ) يحوي
المواد الهيدروكربونية من النبات، ولا سيما من الأشجار الصنوبرية القديمة
).
كانت عينات الكهرمان الأحفورية تحوي
بعضاً من الحشرات المحفوظة منذ ملايين السنين , إلى جانب بعض الزهور ذات
اللون الأصفر , ولأن " جورج بوينر " كان عالم حشرات , فلم يعر إهتماماً
لتلك النباتات المزهرة , وركز على الحشرات فقط , وذلك حتى عام 2015 حين قرر
هو أن يعرض تلك الزهور على شخص ربما يهمه أمر تلك العينة , وكان ذلك الشخص
هو الدكتورة " لينا ستروي " - عالمة نباتات في جامعة روتجرز .
ستروي كانت عاملة نباتات متخصصة في نوع
النبات الذي جاء منه تلك الزهرة Strychnos , وهي مجموعة من النباتات
السامة التي يُستخرج منها سمّ الفئران , وبعد أن قارنتها " ستروس " بمئات
العينات , اكتشفت أن تلك الزهرة هي لنوع منقرض من عائلة Strychnos عاش منذ
حوالي 15 إلى 45 مليون سنة , وجاء اسم "electri" من الكلمة اليونانية
"elektron" ، وتعني "العنبر" .
2- شجرة زيتون St. Helena Olive
- قبل فترة طويلة من إنقراضها , كانت
شجرة زيتون سانت هيلانة نباتاً من الصعب العثور عليه , فمن أجل رؤية واحدة
من تلك الأشجار الصغيرة ذات الزهور الوردية الباهتة , كان عليك السفر إلى
جزيرة Tristan da Cunha في سانت هيلانة - وهي منطقة بريطانية في جنوب
المحيط الأطلسي , وعلى بعد حوالي 1200 ميل (1931 كيلومتر) قبالة ساحل
أنغولا , حيث تنمو تلك الشجرة فوق قمة الجبال في وسط وشرق الجزيرة , ولكنها
أصبحت نادرة للغاية وذلك حتى مطلع القرن التاسع عشر , ففي ذلك الوقت , كان
هناك من 12 إلى 15 شجرة في أعلى نقطة في قمة التلال في الجزيرة , وهي قمة
ديانا , ولكن سرعان ما اختفت تماماً بعدما اكتشفها الناس , ولكن تم العثور
على شجرة واحدة ناجية في عام 1977 , على الرغم من ذلك لم يحالف الحظ الشجرة
الوحيدة الباقية في أعلى تلك التلال , فهي لم تصمد أمام خطر إزالة الغابات
الذي طال امده , كما إنها لم تكن قادرة على التخصيب الذاتي
وقلت فرص تكاثرها , وزيادةً من سوء الحظ , فقط أصابتها الفطريات والعدوى
التي طالت بذورها , لذا توفت شجرة الزيتون الأخيرة في سانت هيلانة في عام
1994 , وبحلول ديسمبر 2003 , توفت كل أشجار زيتون سانت هيلانة التي زرعها
البشر بانفسهم .
3- الشجر الحرشفي - Lepidodendron
- Lepidodendron هو جنس منقرض من
النباتات التي تتبع شعبة النباتات الذئبية lycopsid , وهي مجموعة من
النباتات الوعائية التي عاشت خلال العصر الكربوني , والتي كانت تنمو بطول
شجرة حيث ترعرعت على ارتفاع يصل إلى 40 متراً ( 130 قدماً ) ووصل قطرها إلى
حوالي ( 7 أقدام ) .
كانت نباتات Lepidodendron غريبة بعض
الشيء مقارنة بنباتات اليوم , فعلى الرغم من قامتها الطويلة , فهي لم تكن
نباتات خشبية و ولكنها كانت مدعومة ببنية خارجية قوية عبارة عن قشرة صلبة
تتميز بوجود ندبات على شكل ألماس , تشكلت مع نمو النبات وزودته بالطاقة
خلال عملية البناء الضوئي .
ذلك النسيج القشري الفريد من نوعه هو
ما ميّز أحافير تلك النباتات , على الرغم من اعتقاد علماء الأحافير في
القرن التاسع عشر , أن تلك القشور تعود إلى جلد السحالي العملاقة والثعابين
التي كانت تعيش في عصور ما قبل التاريخ , ولكنها الآن واحدة من الأحافير
الأكثر شيوعاً الموجودة في صخور العصر الكربوني المتأخر .
4- شجرة فرانكلين - Franklin Tree
- كان جون بارترام ونجله ويليام
مسافرين عبر جورجيا عام 1765 , عندما اكتشفوا شجرة جميلة ذات زهور بيضاء
عطرة على ضفاف نهر التاماها , وأطلقوا عليها اسم " شجرة فرانكلين " نسبةً
لاسم أهم وأبرز مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية " بنجامين فرانكلين " ,
ولكن عندما عادا مرة اخرى في السبعينيات لنفس المنطقة , لاحظ ويليام أن
الشجرة نمت فقط على فدانيين على ضفاف النهر وليس في أي مكان آخر , فراوده
القلق بشأن عدم نموها مجدداً وربما انقراضها , لذا عزم على اخذ بعض البذور
معه إلى بنسلفانيا , وكان قراراً حكيماً جداً , لأن آخر ظهور مؤكد لشجرة
فرانكلين حدث بعض بضعة عقود في عام 1803 .
واليوم .. انقرضت شجرة فرانكلين في
البرية , ولكن بفضل عينات ويليام , لم تضيع تلك الأشجار في التاريخ , حيث
أصبحت أشجار Franklinia alatamaha نباتًا شائعًا للزينة , وهذا ليس
مفاجئاً نظراً لجمالها الفريد .
لكن هل ستعود شجرة فرانكلين إلى الحياة
البرية مجدداً ؟ .. الحقيقة هناك جهود لإعادة زراعة تلك الأشجار في
المنطقة التي وجدها ويليام فيها منذ حوالي 250 عاماً - لذا سنرى ! .
5- Glossopteris
- أنتاركتيكا ليست بالضبط المكان الذي
تتوقع أن تجد فيه الأشجار الخضراء المورقة والشجيرات والنباتات المزهرة ,
في الواقع , لا يوجد سوى نوعان مزهران في تلك القارة بأكملها وهما
Colobanthus quitensis و Deschampsia arctctica , ولكن كانت هناك فترات من
التاريخ , حيث غطى اللون الأخضر تلك القارة المتجمدة , مثل العصر البيرمي
المتأخر , وهو العصر الذي تميز بذوبان الصفائح الجليدية العظيمة , ووجود
طقس بارد ومبلل في جميع أنحاء القارة القطبية الجنوبية , حينها استطاعت
نباتات Glossopteris ان تنمو وتزدهر .
ونظراً لأن العلماء لم يعثروا أبداً
على أجزاء كبيرة من نبات Glossopteris محفوظة بشكل سليم , فهم لا يعرفون
بالضبط ما الشكل الذي كان يبدو عليه النبات , ولكن أفضل تخمين هو أنها كانت
شجيرة كبيرة أو شجرة صغيرة , وجدير بالذكر أن أحافير بعض الأوراق
البيضاوية الشكل لهذا النبات شائعة إلى حد ما ويصل طول بعضها إلى حوالي
3,3 أقدام ( امتر ) , ويُشير هذا العدد الكبير من الأوراق المحفوظة إلى أن
تلك النباتات كانت نباتات نفضية أي أنها كانت تُسقط أوراقها في فصل الخريف ,
وتنمو لها أوراقاً جديدة في فصل الربيع .
تم العثور على أحافير Glossopteris
أيضاً في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وأستراليا ’ لأن هذه القارات كانت متصلة
بالقارة القطبية الجنوبية في قارة عملاقة تُسمى Gondwana منذ ملايين
السنين .
وعلى الرغم من انتشار هذا النوع من
النباتات على نطاق واسع إلا أنها انقرضت منذ حوالي 245 مليون سنة , عندما
أصبح المناخ أكثر دفئاً وجفافاً في المنطقة خلال الفترة الترياسية .
6- Viola cryana
- زهرة البنفسج Viola cryana تم
اكتشافها لأول مرة عام 1860 على طول قناة دي بورغون بفرنسا , وبلغ طول
النبات من 1,5 إلى 5 بوصات ( من 4 إلى 12 سم ) , وتميزت بأوراقها الخضراء
الكثيفة , وزهورها البنفسيجية فاتحة اللون , والتي تتفتح من مايو إلى يونيو
من كل عام .
تفضل أزهار Viola cryana النمو في
المناطق المشمسة الدافئة المواجهة للجنوب في التلال الحجرية الجيرية في
المنطقة , ولكنها شوهدت لآخر مرة في عام 1927 , وربما حاول البعض زراعتها
في حدائقهم ولكن حتى هذه الجهود قد باءت بالفشل بحلول عام 1950 , وعلى
الرغم من المحاولات العديدة للعثور على بعض الناجين منها إلا أنه لم ير أحد
زهرة بنفسج cryana مرة أخرى .
7- Araucarioxylon arizonicum
- في شرق منتزه Petrified الوطني في
وسط ولاية أريزونا ، ستجد منظرًا غريبًا: أجزاء كبيرة من الأشجار المتحجرة
التي تتناثر على الأرض الصحراوية الجافة , اعتقدت قبائل النافاهو Navajo
من السكان الأصليين أن تلك الأشجار الضخمة هي عظام عمالقة قتلوا بواسطة
أسلافهم , بينما اعتقدت جماعات البيوتو Piute أنها سهام عملاقة قد أطلقها
إله الرعد , حتى قام سميثسايان من FH Knowlton بتحديدها على أنها نوع من
الأشجار المنقرضة و أطلق عليها اسم Araucarioxylon arizonicum , غير أن
العلماء يعتقدون أن هذا المصطلح يصف في الواقع العديد من الأشجار المنقرضة
التي ازدهرت في المنطقة منذ حوالي 200 مليون سنة مضت .
تلك الأشجار كانت من الصنوبريات
العملاقة ذات الجذوع التي وصل قطرها إلى نحو 10 أقدام ( 3 امتار ) ’ ووصلت
إلى ارتفاع 194 قدماً ( 59 متراً ) في السماء , وذلك قبل ان تسقط بواسطة
الرماد البركاني وتدفقات الحمم البركانية الناجمة عن انفجار بركاني كان
قريب من المنطقة .
8- Coffea lemblinii
MARCELO CORRÊA/CC BY-SA 3.0/WIKIPEDIA |
- Coffea lemblinii نوعً من نباتات
حبوب القهوة التي تم وصفها لأول مرة من قِبل عالم النبات الفرنسي اوغست
شوفالييه في عام 1907 , في غابات منطقة Vallee de l'Agnieby في ساحل العاج
, وقد ترعرعت على ارتفاع 3.3 أقدام (متر واحد) وأزهرت في يناير , ولكن لم
تتم رؤية تلك الأشجار منذ ذلك الحين , وكانت توصف بأنها شجيرة صغيرة ,
لديها أزهار بيضاء .
9- Calamites
- بعض النباتات القديمة لديها أقارب
حديثة اليوم , وهذا هو الحال مع نبات الكالاميت , وهو نبات منقرض , كان
ينمو بحجم شجرة وانتشر في فترة العصر الكربوني منذ حوالي 250 إلى 360 مليون
سنة , وكان يبدو مثل نبات " ذنب الفرس " في العصر الحديث .
تألفت جذوع نباتات الكلاميت من قطاعات
جوفاء أكسبتها المظهر الخارجي لنبات الخيزران , حيث ظهرت حلقة تقسيم بين كل
قطعة , كما كانت تميل الفروع النحيلة نحو الأعلى , متفرعة بضعة مرات قبل
ان تنتهي في مجموعة من العناقيد التي تشبه الأوراق الإبرية .
امتدت تلك النباتات من 33 إلى 66 قدماً
, وكانت مستندة إلى جذع ضخم تحت الأرض , ومن المحتمل ان الكلاميت قد ازدهر
على ضفاف الأنهار الرملية , وربما نمت قريبة من بعضها البعض حتى تتمكن من
دعم بعضها , لأن بخلاف ذلك يتعرضون للكسر بسهولة .
10 - سلفيوم - Silphium
- هناك بعض النباتات التي تبعث على
الغموض لدى العلماء , ونبات السلفيوم إحدى تلك النباتات , حيث وصفت بانها
شجرة شمر عملاقة , موطنها الأصلي في منطقة الجبل الأخضر و قورينا ( التي
أصبحت الآن جزءاً من ليبيا ) , ويقال أنها لا تنبت إلا في هذه المنطقة من
العالم , وقد نُسجت الأساطير والخرافات حول تلك النبتة إذ ظهرت القصص التي
تحكي عن قدرة هذا النبات على شفاء أي مرض مستعصي .
جدير بالذكر أن المستعمرين الإيطاليين قد اتخذوا السلفيوم كشعاراً على الجدران والأرضيات والمباني الإيطالية وعلى عملاتهم المعدنية .
وما أثار حيرة العلماء بشأن نبات
السلفيوم هو مدى شهرتها قديماً , ولما كانت شائعة جداً ؟, بعض المؤرخين
لديهم عدد من النظريات بشأن ذلك , حيث يعتقدون أنها كانت تستخدم لتزيين
الطعام أو كدواء لعلاج أعراض الحمى وآلام البطن , وكذلك كوسيلة لتحديد
النسل , بينما بالنسبة للعديد من العلماء لا تبدو تلك الإستخدامات مهمة
بما يكفي لتبرير ذلك الهوس بها قديماً .
ولكن مهما كان السبب فلن نعرف أبداً حقيقة ذلك النبات لأنه
لا يوجد أي سيليفيوم متبقٍ لاختباره , بينما قال الفيلسوف الطبيعي "
بلينيوس الأكبر " , أن أحدهم قد عثر على آخر ساق من السلفيوم خلال حياته
وأهداها إلى الإمبراطور الروماني " نيرو " .مصدر المقال / science.howstuffworks
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق