
هل الثقب الأسود بوابة إلى بعد آخر ؟
هل يمكننا استخدام الثقب الأسود للسفر عبر الزمن والفضاء ؟
اليوم سنكشف لكم عن تلك الأجرام
السماوية غير المرئية المعروفة بالثقوب السوداء , ولنحاول توضيح بعض
المفاهيم الخاطئة الشائعة بخصوصها .
1- ما هي الثقوب السوداء ؟
بكل بساطة .. الثقوب السوداء هي منطقة في الفضاء حيث تسود الجاذبية , ولا شيء يستطيع الإفلات من تلك الجاذبية الشديدة - حتى الضوء .
وتتشكل الثقوب السوداء عندما يكون
الضغط الداخلي لجسم ماغير قادر على مقاومة قوى جاذبيته فينهار على نفسه مثل
العديد من أنواع النجوم .
ومن المفاهيم الخاطئة الشائعة , هو أنه
يجب أن يكون هذا الجسم كبيراً في العمر كي يتحول إلى ثقب أسود , ولكن هذا
ليس صحيح إطلاقاً , فكثافة كتلة المادة وقوى جاذبيتها هي التي تسبب تشكّل
الثقوب السوداء , على سبيل المثال , إذا ضُغطت الأرض لتصبح كعملة معدنية
رقيقة السمك , فتلك الكثافة الهائلة المضغوطة تحولها لثقب أسود .
ولكن الطريقة الأكثر شيوعاً لتكوين
الثقب الأسود هي أثناء موت النجوم , فعندما يستخدم النجم كل وقوده , ينفجر
بطريقة مذهلة , ويُعرف هذا الانفجار بالـ مستعر الأعظم ( السوبرنوفا ) ,
حيث لا يتساوى الضغط الداخلي للنجم مع قوى الجاذبية الخارجية فينهار على
نفسه , ويتحول اللب الداخلي للنجم إلى ثقب أسود يبتلع كل شيء أمامه ,
ويُطلق إنفجارات من أشعة جاما - ( وهي من أكثر الأحداث الكهرومغناطيسية
المضيئة التي تحدث في الكون وهي علامة على حدوث سوبر نوفا ) .
2 - ما هو حجم الثقوب السوداء ؟
- توجد الثقوب السوداء في شكلين : الثقوب السوداء ذات الكتلة النجمية , والثقوب السوداء الهائلة .
الثقوب السوداء الكتلية النجمية هي
الأكثر وفرة في الكون , وتتشكل عندما يموت نجم ذو كتلة كافية , وأكبر ثقب
أسود من هذا النوع تم اكتشافه حتى الآن قُدرت كتلته بنحو 33 كتلة شمسية .
أما الثقوب السوداء الهائلة , هي ثقوب
سوداء عملاقة , أصغرها تصل كتلته إلى مئات الآلاف من الكتل الشمسية ,
والأغلبية منها تُقدر بملايين الكتل الشمسية تقريباً , وأكبر ثقب أسود تم
اكتشافه من هذا النوع تقدر كتلته بـ 18 مليار كتلة شمسية , أي يصل إلى حجم
مجرة بأكملها تقريباً .
ويُعتقد أن كل مجرة تحتوي على ثقب أسود في مركزها .
3- هل يمكن أن تموت الثقوب السوداء ؟
في عام 1974 , أظهر ستيفن هوكنج أن
الثقوب السوداء ليست سوداء بالكامل , كما تنبعث منها كميات ضئيلة من
الإشعاع الحراري , وعُرف هذا التأثير بـ " إشعاع هوكينج " , وبسبب حدوث هذا
الإشعاع , تفقد الثقوب السوداء طاقتها وبالتالي كتلتها , ثم في النهاية "
تتبخر " !
على الرغم من أن تلك العملية بطيئة
بشكل كبير إلا أنها في النهاية تؤدي إلى "موت" الثقب الأسود , ويمكن لتلك
العملية أن تستغرق تريليونات من السنوات وربما أكثر .
4- هل يمكن استخدام الثقوب السوداء للسفر عبر الزمن والفضاء .
- هناك اعتقاد يفترض أننا يمكن أن
نستخدم الثقوب السوداء كبوابة إلى بعد آخر أو للسفر عبر الوقت والفضاء ,
وهذا الافتراض مبني على النظرية النسبية العامة لآينشتاين , وبعض قوانين
ميكانيكا الكم .
ولكن للأسف.. حتى إن كان ذلك صحيحاً فإننا لن ننجو داخل الثقب الأسود !
هناك منطقة خارج الثقب الأسود وما
حولها تُسمى " أفق الحدث" - عند حافة الثقب الأسود وهي تلك الحدود التي لا
يستطيع الضوء حتى أن يفلت منها - وتلك المنطقة عبارة عن محيط من الغازات
الساخنة فائقة البلازما , وهي غازات ساخنة للغاية وأكثر حرارة من سطح الشمس
, ومع ذلك حتى إذا تمكن أحد من النجاة بطريقة ما من درجة الحرارة والإشعاع
الشديدين , فما زال أمامك عقبة أخرى .. وهي ( الجاذبية ) .
فتأثيرات المد والجذر التي تُحدثها
جاذبية الثقوب السوداء تمزق الأشياء إلى الكواركات - وهي جسيمات أولية وأحد
المكونين الأساسين للمادة - لذا فأنت ستصبح فتات من الجسيمات الأولية قبل
أن تتمكن من الوصول إلى نقطة التفرد في الثقب الأسود .
نقطة التفرد في الثقب الأسود singularity : هي نقطة ذات بعد واحد تتواجد في مركز الثقب الأسود ولديها كثافة وجاذبية لا نهائية ويحدث فيها انحراف في الزمكان , فهي المكان الذي تنهار عنده جميع قوانين الفيزياء التي نعرفها .
5- هل نعيش داخل ثقب أسود ؟
- يتفق معظم الخبراء على أن الكون بدأ
كنقطة ساخنة جداً وكثيفة بشكل لا نهائي تُدعى " نقطة التفرد " .. أليس هذا
ما يسميه الناس بـ الثقب الأسود ؟
في الحقيقة بعض الفيزيائيين يقولون أن كوننا ربما نشأ بواسطة ثقب أسود , وأن نقطة التفرد في كل ثقب أسود قد تولد كوناً صغيراً .
خلال أول تريليون من الثانية بعد
الإنفجار الكبير , توسع الكون بسرعة مذهلة - اسرع من سرعة الضوء - ومع مرور
الوقت تباطأ هذا التوسع , والحقيقة هذا ما يحدث أيضاً عند منطقة " أفق
الحدث " للثقب الأسود ! - فهل من الممكن ان يكون كوننا هو أفق الحدث في ثقب
أسود آخر في الكون .
إن فرضية وجود كوننا داخل ثقب أسود هي
فرضية تحل الكثير من المشاكل الرياضية والفيزيائية لنشأة الكون , ولكن لم
يتم إثبات ذلك بأي شكل حتى الآن , فمن الصعب أيضاً تخيل أننا نعيش في عالم
داخل ثقب أسود موجود داخل كون آخر نشأ من ثقب أسود آخر .. وهكذا ..
6 - هل تتحرك الثقوب السوداء ؟
- مثلها مثل جميع الأجرام السماوية ,
فالثقوب السوداء تتحرك أيضاً , ففي عام 2002 , تم اكتشاف أن الثقب الأسود
ذو الكتلة النجمية المسمى GRO J1655-40 , يتحرك عبر الفضاء بمعدل 250,00
ميل في الساعة , أي أسرع بأربع مرات من السرعة المتوسطة للنجوم في كوكبة العقرب المجاورة لمركز مجرتنا .
7- ماذا عن طاقة الثقب الأسود ؟
- يمكن للثقوب السوداء توليد الطاقة
بشكل كبير وأكثر كفاءة من شمسنا , فالطريقة التي يعمل بها الثقب الأسود في
توليد الطاقة , هي عن طريق استخدام المادة التي تدور حول الثقب الأسود
وتحويلها إلى طاقة , فالمادة التي تدور بالقرب من الحافة الداخلية لأفق
الحدث في الثقب الأسود , تدوربسرعة أكبر بكثير من المادة الموجودة على
الحافة الخارجية للقرص , وذلك لأن قوة الجاذبية أقوى بكثير بالقرب من أفق
الحدث , ونتيجة دوران المادة بسرعات كبيرة فإن درجة حرارتها ترتفع , لدرجة
تحوّل كتلتها إلى طاقة في عملية تُسمى بـ إشعاع الجسم الأسود .
وفي حين أن عملية الإندماج النووي تقوم
بتحويل حوالي 0,7 % من الكتلة إلى طاقة , فإن حافة الثقب الأسود يحول 10%
من كتلة المادة إلى طاقة - وهذا فرق كبير جداً ! , حتى أن العلماء اقترحوا
أن هذا النوع من الطاقة يمكن استخدامه في تشغيل سفن الفضاء المستقبلية عند
ارسالها بالقرب من الثقوب السوداء .
8- من اكتشف الثقوب السوداء ؟
- قد يتبادر إلى الذهن أن " آينشتاين " هو من اكتشف الثقوب السوداء , نظراً لأن نظريته قد تنبأت بوجودها , ولكن في الحقيقة إن أول من اكتشف الثقوب السوداء هو العالم " كارل شوارزشيلد Karl Schwarzschild "
, فهو أول من استخدم معادلات آينشتاين ,
وأظهر أن الثقوب السوداء يمكن أن تتواجد بالفعل , وقد أعلن عن هذا في نفس
العام الذي أصدر فيه آينشتاين نظريته عن النسبية العامة في عام 1915 .
وجاء في نظرية شوارزشيلد مصطلح " نصف
قطر شوارزشيلد " , وهو مقياس يعبر مدى صغر الحجم الذي يمكن أن ينتج عن ضغط
المادة حتى تتحول إلى ثقب أسود .
وقبل ذلك بوقت طويل تنبأ العالم
الموسوعي البريطاني " جون ميشيل " بوجود " نجوم داكنة " ضخمة ومضغوطة لدرجة
أنها يمكن أن تمتلك قوة جاذبية كبيرة جدا لا يمكن حتى للضوء أن يفلت منها .
كما أن الثقوب السوداء لم تحصل على اسمها العالمي حتى عام 1967 .
9 - هل هناك ثقوب سوداء في مجرتنا ؟
- إن أقرب الثقوب السوداء التي تم
اكتشافها على بعد آلاف السنين الضوئية , وليس لها أي تأثير على الأرض ,
فحتى الثقب الأسود الموجود في مركز مجرة درب التبانه يبعد عنا بحوالي
27,000 سنة ضوئية , وعلى الرغم من أن كتلته تقدر بعدة ملايين كتلة شمسية
إلا أن بعده الكبير لن يؤثر على نظامنا الشمسي .
10- ما هو شكل الثقوب السوداء ؟
إن من أكثر المفاهيم الخاطئة الشائعة
بشأن الثقوب السوداء هو أنها تشبه شكل الأنبوب أو القمع , ولكن هذا التصور
سيكون دقيقاً فقط في عالم ثنائي الأبعاد , ولكن الحقيقة الثقوب السوداء
كروية الشكل مما يعني أن شكل " الأنبوب " سيكون ثلاثي الأبعاد , ولايختلف
كثيراً عن النجوم العادية , ولكننا لا نستطيع رؤيتها لأنها تمتص الضوء .










ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق