الهداية
الهداية لغةً: مصدرٌ للفعل: هدى، يَهدي، وهي إرشادٌ ودلالة على ما يُوصل إلى المطلوب، ويُقال: من هداية الله -عزّ وجلّ- أيّ من توفيق الله، وهدى فلانًا إلى الطريق الصحيح، أيّ بيّنَ طريق الصواب له، وأوضحَهُ، والهداية اصطلاحًا: هي إمّا هداية البيان والدلالة والإرشاد والدعوة، وهي وظيفة الرُّسل وأتباعهم مِن الدعاة والمصلحين، وهؤلاء عليهم أن يؤدُّوا وظيفتهم، ويبذلوا جهدَهم، مع العلم واليقين بأنَّهم لا يملكون النتائج، فالنتائج بيد الله وحده، وإمّا هداية التوفيق، أو خلق الهداية في قلوب الناس، وهذا النوع ملكٌ لله وحدَه، فهو سبحانه ملك القلوب ومصرِّفها ومقلِّبها، فالهداية نعمةٌ من الله تعالى يمنُّ بها على مَن يشاء من عباده، وهي فضل الله يؤتيه مَن يشاء، وسيتحدث هذا المقال عن دعاء الهداية بكلِّ أشكالهِ، كالدعاء للأولاد، ودعاء الهداية للصلاة، ودعاء الهداية من المعاصي، والدعاء للزوج وفضل هذا الدعاء.دعاء الهداية للصلاة
إنَّ دعاء الهداية والصلاح لتاركِ الصلاةِ أمرٌ مستحبٌّ ولا إشكالَ فيهِ، والدُّعاء له بالرزقِ ونحوَه من منافع الدنيا لا بأسَ بهِ، فإنَّ تاركَ الصَّلاةِ كسلًا لا جحودًا اختلفَ أهلُ العلم في كُفره، حتَّى على القول بكفرهِ فلا إشكالَ في الدعاء له، فإنَّ الكافر الأصلي لا يَحرُمُ الدعاء له بذلك، وإنما المحظور هو الدعاء له بالمغفرة والرحمة ونحو ذلك من منافع الآخرة إذا مات على كفره، وقد ورد عن الإمام النووي قولُهُ: “الصلاة على الكافر، والدعاء له بالمغفرة فحرام بنصِّ القرآن والإجماع”، وقد ثبتَ عن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه دَعا بالهداية لبعض الكفار، وردَ أنَّ الطفيل بن عمرو الدوسي قال للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ دوسا قد هلكتْ وعصتْ وأبتْ فادعُ اللهَ عليهم، فقالَ -صلى الله عليه وسلم-: اللهم اهدِ دوسًا وأتِ بهمْ”، 1)، وعن ابن مسعود قال: “كأني أنظر إلى النَّبي -صلّى الله عليه وسلّم- يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجههِ، ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” 2)، وبناءً على ما ورد في السنة النبويّة، لا ضير في دعاء الهداية للصلاة لمن تركها كسلًا أو جحودًا، فقد ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه دعا للمشركين بالهداية والصلاح، وهو قدوتنا عليه أفضل الصلاة والسلام. 3).دعاء الهداية للأولاد
أعطى الإسلام جانبَ دعاء الهداية للأولاد اهتمامًا كثيرًا، ورغَّب في ذلك وحثَّ عليه، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “ثلاث دعوات لا تردّ: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر” 4)، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شكّ فيهنّ: دعوةُ المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالدِ لولدِهِ”، 5)، فالدُّعاء -بشروطِهِ- عاملٌ مهمٌّ من عوامل صلاح الأبناء وهدايتهم.وإنَّ صلاح الأبناء ينفعُ الآباء في حياتهم وبعد مماتهم بإذن الله -سبحانه وتعالى-، هذا ما دلّت عليه السنة النبوية في هديها، فيما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا ماتَ الإنسانُ انقطعَ عنهُ عملُهُ إلّا من ثلاثة: إلّا من صدقـةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفـعُ بهِ، أو ولـدٍ صالحٍ يدعو لهُ”، 6). 7).

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق