شعراء العصر الحديث
يُطلق مفهوم الشعر العربي الحديث على الشعر الذي كتبه الشعراء العرب في العصر الحديث، والعصر الحديث هو العصر الذي تغيَّرت فيه معالم الحياة الإنسانية، ومن المعروف إنَّ معالم الحياة العربية تغيَّرت بعد النهضة العربية، وقد اختلف الشعر العربي الحديث عن الشعر العربي القديم من حيث الشكل والمضمون، فظهر في العصر الشعر الحر أو ما يُسمَّى بشعر التفعيلة، كما ظهرت مواضيع وأغراض شعرية أخرى لم تكن مطروقة في العصور السابقة، ومن أشعر شعراء العصر الحديث: نزار قباني، محمود درويش، بدر شاكر السياب، معروف الرصافي، محمد مهدي الجواهري، صلاح عبد الصبور، عمر أبو ريشة، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على محمود درويش، وسيذكر أجمل ما كتب محمود درويش في حياته.[١]محمود درويش
قبل تسليط الضوء على أجمل ما كتب محمود درويش، لا بدَّ بداية من التعريف بالشاعر محمود درويش، ومحمود درويش هو شاعر فلسطيني معاصر، وهو واحد من أهم الشعراء العرب المعاصرين، لقِّب محمود درويش بشاعر القضية الفلسطينية وشاعر الوطن، ولد درويش عام 1942م في قرية اسمها البروة في فلسطين، ثمَّ لجأ إلى لبنان أيام النكبة الفلسطينية عام 1948م مع عائلته، ثمَّ عاد إلى فلسطين بعد ذلك بعام واحد، تعلَّم محمود درويش في بدايات حياته في مدرسة دير الأسد في بلده بعد عودته من لبنان سرًّا ثمَّ درس الثانوية في قرية كفر ياسيف، وبعد أن أنهى درويش تعليمه الثانوي، انضم إلى الحزب الشيوعي في فلسطين، ثمَّ بدأ اسمه يلمع من خلال نشر ما يكتب من شعر ومقالات في عدد من الجرائد والمجلات.[٢]تعرَّض محمود درويش للاعتقال على يد سلطات الاحتلال عام 1961م بسبب النشاط السياسي الذثي كان يقوم به، وفي عام 1972م غادر درويش إلى مصر، ثمَّ إلى لبنان ليعمل مع مجموعة من دور النشر التي تتبع لمنظمة التحرير الفلسطينية، عاش درويش في باريس فترة من حياته، ثمَّ حصل على تصريح لدخول فلسطين، فدخلها ليزور أمَّه، فسُمح له بالبقاء في فلسطين إن أراد، وفي التاسع من آب أغسطس من عام 2008م توفِّي الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن أجرى عملية قلب مفتوح في مركز طبي في ولاية تكساس الأمريكية، ثمَّ نُقل جثمانه إلى فلسطين ودُفن في رام الله بعد أربعة أيام من وفاته.[٣]
أجمل ما كتب محمود درويش
بعد ما جاء من حديث عن حياة الشاعر محمود درويش، من الجدير بالذكر أنَّ يتم الحديث عن أجمل ما كتب محمود درويش، فالشاعر تعكسه أفكاره وكتاباته وقصائده التي تخرج من بُنيَّات أفكاره، والشعر هويّة الشاعر الأولى، يُعرف بها وتتحدد ملامح شخصيته من خلالها، فهو نافذة تُطل على روح الشاعر وعلى بساتين قلبه قبل أن تُطلَّ على اسمه وعنوانه ولون عيونه، وفيما يأتي أجمل ما كتب محمود درويش من شعر في حياته:- إنَّ من أجمل ما كتب محمود درويش قصيدته "قطار الساعة الواحدة" التي يقول فيها:[٤]
- رجل و امرأةُ يفترقانِ
- ينفضان الورد عن قلبيهما
- ينكسران
- يخرج الظلّ من الظلّ
- يصيران ثلاثة: رجلًا وامرأةً والوقت ...
- لا يأتي القطار
- فيعودان إلى المقهى
- يقولان كلامًا آخرًا،
- ينسجمانِ ويحبّان بزوغَ الفجر من أوتار جيتار
- ولا يفترقان
- وتلفَّتُّ أجيل الطرف في ساحات هذا القلبِ
- ناداني زقاقٌ ورفاقٌ يدخلون القبو والنسيان في مدريد
- لا أنسى من المرأة إلّا وجهها أو فرحي
- أنساكَ أنساك وأنساك كثيرًا
- لو تأخّرنا قليلًا عن قطار الواحدة
- لو جلسنا ساعة في المطعمِ الصينيّ
- لو مرّت طيور عائدة
- لو قرأنا صُحُف الليلِ
- لكُنَّا رجلًا وامرأةً يلتقيان
- ومن أجمل ما كتب محمود درويش أيضًا:[٥]
- على الأنقاضِ وردتُنا
- ووجهانا على الرملِ
- إذا مرّتْ رياحُ الصيفِ
- أشرعنا المناديلا
- على مهْلِ، على مهْلِ
- وغبنا طيَّ أغنيتين، كالأسرى
- نراوغ قطرة الطّل
- تعالي مرة في البال
- يا أُختاه!
- إنَّ أواخرَ الليلِ
- تعرّيني من الألوان والظِّلِّ
- وتحميني من الذُّلِّ!
- وفي عينيكِ، يا قمري القديم
- يشدُّني أصْلِي
- إلى إغفاءةٍ زرقاء
- تحت الشمس، والنَّخْلِ
- بعيدًا عن دجى المنفى
- قريبًا من حِمى أهلي
- ومن أجمل ما كتب محمود درويش أيضًا:[٦]
- رأيت جبينك الصيفيّ
- مرفوعًا على الشّفقِ
- وشعركِ ماعزٌ يرعى
- حشيشَ الغيم في الأفُقِ
- تودّ العين لو طارت إليك
- كما يطير النَّوم من سجني
- يودُّ القلب لو يحبو إليك
- على حصى الحزنِ
- يودُّ الثَّغر لو يمتصّ
- عن شفتيكِ
- ملح البحر، والزَّمنِ
- يودُّ، يودُّ لكنِّي
- وراء حديدِ شباكي
- أودِّع وجهكَ الباكي
- غريقًا فوق دمّ الشَّمس ..
- مهدورًا على الأفُقِ
- فأحمل فوق جرح القلب جرحين
- ولكنِّي، أحاولُ أن أضمِّدها، أوسِّدها
- ذراعَ تمرُّد الحزنِ!
- ومن أجمل ما كتب محمود درويش:[٧]
يكفي مروركِ بالألفاظ كي تجدَ
-
-
-
- العنقاء صورتها فينا، وكي تلدَ
-
-
-
-
-
- لا بدَّ من جسدٍ للرُّوح تحرقُهُ
-
-
-
-
-
- لتظهرَ الرُّوح ما أخفت من الأبدِ
-
-
- فلنحترقْ، لا لشيءٍ، بل لنتحدا!
خمس وعشرون أنثى عمرها، ولدتْ
-
-
-
- كما تريد، وتمشي حول صورتها
-
-
-
-
-
- حبٌّ لأقفزَ فوق البرجِ، وابتعدتْ
-
-
- كما يمرُّ غريبٌ في قصيدتهِ
وجدتُ نفسي في نفسي وخارجَها
-
-
-
- وأنتِ بينهما المرآة بينهما
-
-
-
-
-
- وللصعود إلى ما سبب الحلما
-
-
-
-
-
- تركتني أمس، قرب الماء، منقسما
-
-
- إلى سماءٍ وأرضٍ، آه، أين هما؟
إذا ذهبت بعيدًا، علِّقي حُلُمي
-
-
-
- على الخزانة ذكرى منك، أو ذكرى
-
-
-
-
-
- حمامتين على الكرسيِّ، ثمَّ أرى
-
-
-
-
-
- سال الحليب على سجَّادة أخرى
-
-
- إذا ذهبت، خذي فصل الشتاء، إذا!
أصغي إلى جسدي: للنَّحل ألهةٌ
-
-
-
- وللصهيلِ رباباتٌ بلا عددِ
-
-
-
-
-
- على السِّياج أنينُ الرغبة الأبديْ
-
-
-
-
-
- وللحياة حياة لا تجددُها
-
-
- إلا على جسدِ، يصغي إلى جسدِ
يحبُكِ، اقتربي كالغيمةِ اقتربي
-
-
-
- من الغريب على الشُّباك يجهش بي:
-
-
-
-
-
- على المسافر كي يبقى على سفرِ
-
-
-
-
-
- في وردة العاشِق الحمراء، وارتبكي
-
-
- كالخيمة ارتبكي، في عزلةِ الملكِ
أمرُّ باسمكِ، إذ أخلو إلى نفسي
-
-
-
- كما يمرُّ دمشقيٌّ بأندلسِيْ
-
-
-
-
-
- وها هنا، وقعت ريحٌ عن الفرسِ
-
-
-
-
-
- ولا بلادٌ، كأنِّي آخرُ الحَرَسِ
-
-
- أو شاعرٌ يتمشَّى في هواجسهِ
- ومن أجمل ما كتب محمود درويش أيضًا:[٨]
- لا شيء يُوجِعُني على باب القيامةِ
- لا الزَّمانُ ولا العواصفُ
- لا أُحسُّ بخفَّة الأشياء أَو ثِقَلِ الهواجس
- لم أَجد أَحداً لأسأل:
- أَين "أَيْني" الآن؟ أَين مدينةُ الموتى
- وأين أَنا؟ فلا عَدَمٌ هنا في اللا هنا
- في اللا زمان، ولا وُجُودُ
- وكأنني قد متُّ قبل الآنَ
- أَعرفُ هذه الرؤيا
- وأعرفُ أَنني أَمضي إلى ما لَسْتُ أَعرفُ
- رُبَّما مازلتُ حيًّا في مكانٍ ما
- وأَعرفُ ما أُريدُ
- سأَصير يوماً ما أُريدُ
- سأَصير يومًا فكرةً لا سَيْفَ يحملُها
- إلى الأرٍض اليبابِ، ولا كتابَ
- كأنَّها مَطَرٌ على جَبَلٍ تَصدَّعَ من تَفَتُّح عُشْبَةٍ
- لا القُوَّةُ انتصرتْ ولا العَدْلُ الشَّريدُ
- سأَصير يومًا ما أُريدُ
- سأصير يومًا طائرًا، وأَسُلُّ من عَدَمي وجودي
- كُلَّما احتَرقَ الجناحانِ
- اقتربتُ من الحقيقِة وانبعثتُ من الرمادِ
- أَنا حوارُ الحالمين
- عَزَفْتُ عن جَسَدي وعن نفسي
- لأُكْمِلَ رحلتي الأولى إلى المعنى
- فأَحْرَقَني وغابَ، أَنا الغيابُ، أَنا السَّماويُّ الطَّريدُ
- سأصير يومًا ما أُريدُ
- سأصيرُ يومًا شاعرًا
- والماءُ رَهْنُ بصيرتي
- لُغتي مجازٌ للمجاز
- فلا أَقولُ ولا أشيرُ
- إلى مكانٍ، فالمكان خطيئتي وذريعتي
- أَنا من هناك، "هُنا" يَ يقفزُ
- من خُطَايَ إلى مُخَيَّلتي
- أَنا من كُنْتُ أو سأكونُ
- يَصْنَعُني ويَصْرعُني الفضاءُ اللانهائيُّ المديدُ
- سأصير يومًا ما أُريدُ
- سأَصيرُ يومًا كرمةً
- وليشربْ نبيذي العابرون على ثُرَيَّات المكان السُكَّريِّ
- أَنا الرِّسالةُ والرسولُ
- أَنا العناوينُ الصَّغيرةُ والبريدُ
- سأَصير يومًا ما أُريدُ
- ومن أجمل ما كتب محمود درويش أيضًا:[٩]
-
-
-
- نمشي، ونمشي إلى المعنى ولا نَصِلُ ...
-
-
-
-
-
- الماء البعيد، هو البُطْلاَن والبَطَلُ
-
-
-
-
-
- ولا نقولُ: لأنّ التِيه يَكْتملُ
-
-
-
-
-
- خفيفةَ الوزنِ كي لا يتعب الأَمَلُ
-
-
- كم البعيد بعيدٌ؟ كم هِيَ السُبُلُ ؟
- ومن أجمل ما كتب محمود درويش أيضًا:[١٠]
-
-
-
- طريقٌ، أو رصيفٌ، أو هواءُ
-
-
-
-
-
- مع الأشياء، وانكسر الفضاءُ
-
-
-
-
-
- ولا أرضٌ هناك ولا سماءُ
-
-
-
-
-
- وصوِّبني لأفعلَ ما تشاءُ
-
-
-
-
-
- وأَنت تَعِلَّتي، وأنا النداءُ
-
-
-
-
-
- فليس وراءنا إلاَّ الوراءُ!
-
-
- ومن أجمل ما كتب محمود درويش أيضًا:[١١]
- سَقَطَ الحصانُ عن القصيدةِ
- والجليليّاتُ كُنَّ مُبَلَّلاتٍ
- بالفَراشِ وبالندى،
- يَرْقُصْنَ فوق الأقحوانْ
- الغائبان: أنا وأنتِ
- أَنا وأنتِ الغائبانْ
- زوجا يمام أَبيضانْ
- يَتَسامران على غُصون السنديانْ
- لا حُبَّ، لكني أُحبُّ قصائدَ الحبّ القديمةَ
- تحرسُ القَمَرَ المريضَ من الدخانْ
- كرُّ وفرٌّ، كالكَمَنْجَةِ في الرباعيّاتِ
- أَنْأَى عن زماني حين أَدنو من تضاريس المكانْ
- لم يَبْقَ في اللغة الحديثِة هامشٌ للاحتفاء بما نحبُّ
- فكُلُّ ما سيكونُ، كانْ
- سقط الحصان مُضَرَّجًا بقصيدتي
- وأنا سقطتُ مُضَرَّجًا
- بدَم الحصانْ
- ومن أجمل ما كتب محمود درويش أيضًا:[١٢]
- سألتكِ: هزّي بأجملِ كفٍّ على الأرض
- غصنَ الزمان!
- لتسقط أوراق ماضٍ وحاضرْ
- ويولد في لمحة توأمان: ملاكٌ وشاعر!
- ونعرف كيف يعود الرماد لهيبًا
- أُتفاحتي! يا أحبَّ حرام يباحْ
- إذا فهمتْ مقلتاك شرودي وصمتي
- أنا، عجبًا، كيف تشكو الرياح بقائي لديك؟
- وأنتِ خلودُ النبيذ بصوتي
- وطعم الأساطير والأرض، أنتِ!
- لماذا يسافر نجم على برتقالةْ
- ويشرب يشرب يشرب حتَّى الثمالةْ
- إذا كنت بين يديّ
- تفتّتَ لحن، وصوت ابتهالةْ
- لماذا أُحبك؟
- كيف تخرُّ بروقي لديك؟
- وتتعبٌ ريحي على شفتيكِ
- فأعرف في لحظةٍ
- بأنَّ الليلي مخدَّة
- وأنَّ القمرَ جميل كطلعة وردة
- وأني وسيم، لأنِّي لديك!
- أتبقين فوق ذراعي حمامةْ
- تغمّس منقارها في فمي؟
- وكفُّك فوق جبينَي شامةْ
- تخلّد وعد الهوى في دمي؟
- أتبقين فوق ذراعي حمامةْ؟
- تجنّحنُي، كي أطير
- تهدهدني، كي أنام
- وتجعلُ لِاسْمِيَ نبضَ العبيرِ
- وتجعل بيتيَ برج حمامٍ؟
- أريدك عندي
- خيالاً يسير على قدمينْ
- وصخرَ حقيقة
- يطير بغمزة عينْ!
- ومن أجمل ما كتب محمود درويش أيضًا:[١٣]
- مقهًى، وأَنتَ مع الجريدةِ جالسٌ
- لا، لَسْتَ وحدَك، نِصْفُ كأسك فارغٌ
- والشمسُ تملأ نصفها الثاني
- ومن خلف الزُّجاج ترى المشاة المسرعينَ ولا تُرَى
- "إحدى صفات الغيب تلك: ترى ولكن لا تُرَى"
- كم أَنت حُرُّ أَيها المنسيُّ في المقهى!
- فلا أَحدٌ يرى أَثَرَ الفراشةِ فيك
- لا أَحَدٌ يحملقُ في حضوركَ أو غيابكَ
- أَو يدقِّقُ في ضبابك إنْ نظرتَ إلى فتاةٍ وانكسرت أَمامها
- كم أنت حُرٌّ في إدارة شأنك الشخصيِّ
- في هذا الزحام بلا رقيبٍ منك أَو من قارئ!
- فاصنع بنفسك ما تشاء
- إخلعْ قميصك أو حذاءك إن أَردتَ
- فأنتَ منسيٌّ وحُرٌّ في خيالك
- ليس لاسمكَ أَو لوجهكَ ها هنا عَمَلٌ ضروريٌّ
- تكون كما تكون
- فلا صديقَ ولا عَدُوَّ هنا يراقب ذكرياتِكَ
- فالتمسْ عُذْرًا لمن تركتك في المقهى
- لأنَّك لم تلاحظ قَصَّةَ الشَّعْرِ الجديدةَ
- والفراشاتِ التي رقصتْ على غمَّازَتَيْها
- والتمسْ عذرًا لمن طلب اُغتيالكَ ذات يومٍ
- لا لشيءٍ بل لأنك لم تَمُتْ يوم ارتَطمْتَ بنجمةٍ
- وكَتَبْتَ أولى الأغنيات بحبرها
- مقهًى، وأَنت مع الجريدة جالسٌ
- في الركن منسيًّا، فلا أَحد يُهينُ مزاجَكَ الصَّافي
- ولا أَحَدٌ يُفكرُ باغتيالكْ
- كم أنت منسيٌّ وحُرٌّ في خيالك!
- ومن أجمل ما كتب محمود درويش أيضًا:[١٤]
- بيروت ظهرًا:
- يستمرُّ الفجرُ منذ الفجرِ
- تنكسر السَّماءُ على رغيف الخبزِ
- يَنكسر الهواءُ على رؤوس الناسِ من عبءِ الدخانِ
- ولا جديد لدى العروبةِ:
- بعد شهرٍ يلتقي كُلُّ الملوكِ بكل أَنواعِ الملوكِ
- من العقيدِ إلى العميد، ليبحثوا خطر اليهود على وجودِ الله
- أَمّا الآن فالأحوال هادئة تمامًا مثلما كانت
- وإن الموتَ يأتينا بكلِّ سلاحِهِ الجويِّ والبريِّ والبحريِّ
- مليون انفجارٍ في المدينة
- هيروشيما هيروشيما
- وَحدنا نُصغي إل رعد الحجارة، هيروشيما
- وحدنا نُصغي لما في الروحِ من عبثٍ ومن جدوًى
- وأمريكا على الأسوارِ تهدي كل طفل لعبةً للموتِ عنقوديَّةً
- يا هيروشيما العاشقِ العربي
- أَمريكا هي الطاعون، والطاعونُ أمريكا
- نعسنا، أَيقظتنا الطائرات وصوتُ أَمريكا
- وأَمريكا لأمريكا
- وهذا الأفق اسمنتٌ لوحشِ الجوِّ
- نفتحُ علبةَ السردين، تقصفها المدافعُ
- نحتمي بستارةِ الشباك، تهتز البناية
- تقفزُ الأبوابُ
- أُمريكا وراء الباب أمريكا
- ونمشي في الشوارعِ باحثين عن السلامة
- من سيدفننا إذا متنا؟
- عرايا نحن، لا أُفقٌ يُغَطينا ولا قبرٌ يوارينا
- ويا، يا يومَ بيروتَ المكسَّرَ في الظهيرةْ
- عَجِّلْ قليلًا
- عَجِّلْ قليلًا
- عَجِّلْ لنعرفَ أَين صَرْخَتُنا الأخيرة!!
- ومن أجمل ما كتب محمود درويش أيضًا:[١٥]
- تُنسى، كأنَّكَ لم تَكُنْ
- تُنْسَى كمصرعِ طائرٍ
- ككنيسةٍ مهجورةٍ تُنْسَى
- كحبٍّ عابرٍ
- وكوردةٍ في الثَّلجِ تُنْسَى
- أَنا للطريق
- هناك من سَبَقَتْ خُطَاهُ خُطَايَ
- مَنْ أَمْلَى رُؤاهُ على رُؤَايَ
- هُنَاكَ مَنْ نَثَرَ الكلام على سجيَّتِه ليدخل في الحكايةِ
- أَو يضيءَ لمن سيأتي بعدَهُ أَثرًا غنائيًا وحدْسَا
- تُنْسَى، كأنك لم تكن شخصًا ولا نصًّا وتُنْسَى
- أَمشي على هَدْيِ البصيرة
- رُبّما أُعطي الحكايةَ سيرةً شخصيَّةً
- فالمفرداتُ تسُوسُني وأسُوسُها
- أنا شكلها وهي التجلِّي الحُرُّ
- لكنْ قيل ما سأقول
- يسبقني غدٌ ماضٍ، أَنا مَلِكُ الصدى
- لا عَرْشَ لي إلاَّ الهوامش
- رُبَّما نَسِيَ الأوائلُ وَصْفَ شيء ما
- أُحرِّكُ فيه ذاكرةً وحسّا
- تُنسَى، كأنِّكَ لم تكن خبرًا، ولا أَثرًا وتُنْسى
- أَنا للطريق
- هناك مَنْ تمشي خُطَاهُ على خُطَايَ
- وَمَنْ سيتبعني إلى رؤيايَ
- مَنْ سيقول شعرًا في مديح حدائقِ المنفى
- أمامَ البيت، حرًّا من عبادَةِ أمسِ
- ومن أجمل ما كتب محمود درويش أيضًا:[١٦]
-
-
-
- ما لا يُرى، ويظنُّ الغيمَ يابسةً
-
-
- عالٍ هو الجبلُ
-
-
-
- باللامكان، فيمشي في هواجسِهِ
-
-
- يمشي، ولا يصلُ
-
-
-
- وقد تقاسَمها الضدان بينهما:
-
-
- اليأسُ والأملُ
-
-
-
- وكان يصعدُ منْ حُلْمِيْ فقلتُ له:
-
-
- عالٍ هو الجَبَلُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق