الزواج وحكمه
أولتِ الشريعةُ الإسلاميَّةُ عقد الزواجِ، اهتمامًا كبيرًا، وتحدثت في مشروعيتَّهِ في آياتٍ وأحاديثَ عديدةٍ،[١] منها قولُهُ تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}[٢] ويُعرفُ الزواج بأنَّهُ عقدٌ بين رجلٍ وامرأةٍ، يعطيهم حَقهم في الاستمتاعِ، بما شَرَعَهُ الله تعالى، وبقصدِ تكوين أُسرةٍ، تعودُ على المجتمعِ الإسلاميِّ بالنفعِ والفائدةِ، وأمّا حُكمُ الزواجِ، فتعتريهِ الأحكامُ التكليفيَّةُ الخمسةُ، ما بينَ الحلالِ والحرام، والمستحبُ والمكروهُ، والمباح، بحسبِ الحال الذي يكونُ عليهِ الشخص، وبحسبِ قُدرتِهِ على الزواج، فهو واجبٌ للمُقتدرِ عليه، ويخشى على نفسِهِ الفتنةَ في حالِ عدمِ زواجِهِ، ومستحبٌ للمقتدرِ عليه، ولا يخشى على نفسِهِ الفتنةَ،[٣] وسيأتي الحديثُ في هَذا المَقال عن دعاءِ الزواج وتعجيله.أهمية الزواج
يُعدُ الزواجُ سنةً من سُننِ رسولِ الله، وقد رويَّ أنَّهُ "جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إلى بُيُوتِ أزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يَسْأَلُونَ عن عِبَادَةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقالوا: وأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قدْ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ، قالَ أحَدُهُمْ: أمَّا أنَا فإنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أبَدًا، وقالَ آخَرُ: أنَا أصُومُ الدَّهْرَ ولَا أُفْطِرُ، وقالَ آخَرُ: أنَا أعْتَزِلُ النِّسَاءَ فلا أتَزَوَّجُ أبَدًا، فَجَاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليهِم، فَقالَ: أنْتُمُ الَّذِينَ قُلتُمْ كَذَا وكَذَا، أما واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي"[٤] فقد حثَّ رسولُ الله على الزواجِ وَدَعا الشَباب إليه، وَتكمُنُ أهميةُ الزواجِ، في حفظِهِ للزوجينِ وإعفافِهِما، واستمتاعِ كلٍّ منهما بالآخرِ، وانتفاعِهما بالحقوقِ التي أَوجبها الله عَليهِما، وَكذلكِ سَكنُ الزوجينِ، وأُنسِهما ببعضٍ، وحصولُ الأُلفة بينهما، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[٥]ومن فوائدِ الزواجِ أيضًا، تقويةُ الروابطِ والعلاقاتِ الإجتماعيةِ بين الأُسَرِ، والمحافظةُ على بقاءِ النوعِ الإنسانيِّ، والتناسلِ بينَ البشرِ، وأنْ يعيشَ الإنسانُ حياةً كريمةً، تقومُ على الأخلاقِ ومُترفعةً بالإنسانِ عن غيرِهِ من المخلوقات، والتَنعُمِ بزينةِ الحياةِ الدُنيا، وهم الأولاد، فهم تمامُ السعادةِ في الدنيا، وهم سندٌ للوالدينِ، وبِهم يَكثرُ نَسلُ المُسلمين، فهذا المقصد الذي دعا إليهِ رسول الله، فحثَّ على الزواجِ من المرأةِ الولادةِ،[١] وهذه الفوائد هي ما تدعو للحرصِ على دعاء الزواج وتعجيله.
دعاء الزواج وتعجيله
عادةً ما يَكثُرُ السؤالُ عن دعاءِ الزواجِ وتعجيلِه، والحقيقةُ أنَّهُ لا يوجد أيُ دعاءٍ وردَ في السنة مما يدلُ على ذلك، أو دعاءٌ مأثور بهذا الخصوص، والله تعالى جَعَلَ الباب مفتوح لِمَن يَدعوه مِنَ المُسلمين، فيدعو بما شاء، غيرَ الدعاء بالإثمِ أو القطيعةِ، ويدعو بدعاء الزواج وتعجيله، فاللهُ تعالى يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[٦] ولكن هناكَ من الأدعيةِ التي تعدُ جامعةً للخير، في الدنيا والآخرة، ومنها:[٧]- رَبنا آتنا في الدُنيا حسنة وفي الآخرة حَسنة وَقِنا عذابَ النّار، اللهم أَصلح لي دِيني الذي هُو عِصمةُ أَمري، وأَصلح لِي دُنياي التي فِيها مَعاشي وأَصلح لِي آخرَتي التي إِليها مَعادي واجعل الحياة زيادةً لي في كلِ خيرٍ واجعل الموتَ راحةً لي من كلِ شرٍ.
- اللهم أني أسألك مِنِ الخيرِ كُلِهِ عاجله وآجله، ما علمتُ مِنهُ وَما لَم أعلم وأعوذ بك مِنَ الشَرِ كُلِه ما علمت منه وما لم أعلم، وغير ذلك من الدعاءِ بالخيرِ في الدنيا والآخرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق