-->

adcash790

-------popcash------- ‐-----------------

السبت، 18 أبريل 2020

شعر عن الطبيعة

شعر عن الطبيعة

الطبيعة

تُعدّ الطبيعة واحدة من الأشياء التي ألهمت الشعراء والأدباء على قول الأدب أو كتابته، ويُعدّ الأدب المكتوب عنها مرتعًا خصبًا للدّراسات النقديّة التي تُعنى بالأدب المكتوب حول الطبيعة، ويُقصد بالطبيعة العالَمَ الطبيعي ومظاهره المختلفة التي ليس للإنسان شأن في حدوثها، وتتمثّل بالأنهار والجبال والأشجار والوديان والسهول والحيوانات والبحار وغير ذلك من مظاهر الطبيعة وعناصرها، وكذلك الطبيعة تشكل الفضاء الخارجي والنجوم والكواكب والمجرات وكلّ ما يمت للطبيعة بصلة، فأمّا الأمور التي يُحدثها الإنسان فتُسمّى اصطناعيّة، وقد أسهب الشعراء في وصف الطبيعة والتغني بالاندماج فيها والنوم في أحضانها، وبخاصّة شعراء الأندلس، وسيقف المقال مع شعر عن الطبيعة من قصائد مختارة من الشعر العربي.[١]

شعر عن الطبيعة

لقد كان للطبيعة من شعر العرب نصيب وافر من الأبيات والقصائد والمقطوعات، وانتشر هذا النوع أكثر ما انتشر في الأندلس؛ إذ كانت حياة العرب قبل ذلك في صحراء ليس فيها من النباتات والأشجار إلّا قليلًا، ولكنّهم عندما نزلوا في أرض الأندلس انبهروا بتلك الجنان التي لم يروها من قبل، حتى إنّ بعض شعرائهم شبّه أرض الأندلس بالجنة؛ لشدّة جمال طبيعتها وغناها، ولم يقتصروا على ذلك الأمر وحسب، بل صاروا يتسابقون فيمن يقول أجمل الأبيات في وصف الثمار وغير ذلك، وإنّ ممّا ساعد على ازدهار هذا النوع من الشعر عن الأندلسيين غير جمال طبيعة بلاد الأندلس هو أنّ الحضارة في الأندلس قد بلغت أوجَها، وكذلك فإنّ الأندلسيين كانوا يعقدون مجالس اللهو والأُنس في أحضان الطبيعة فينصرفون للتّغزّل بها وذكر محاسنها وكأنّها امرأة، بل قد دمجوا أحيانًا بين النساء وبين الطبيعة؛ فكانوا يتغزّلون بالنساء مستعيرين لهنّ صورًا من الطبيعة، وممّا اختصّ به شعراء الأندلس من وصف للطّبيعة جعلهم ينفردون به عن غيرهم من باقي شعراء العرب أنّ قصائدهم في وصف الطبيعة قد تقسّمت إلى ثمريّات وهي وصف الثمار، وثلجيّات وهي وصف الثلج، وزهريّات وهي وصف الأزهار وهكذا،[٢] وممّا قاله الشّعراء من شعر عن الطبيعة:
  • ما قاله ابن خفاجه في وصف جبل:[٣]
بَعَيشِكَ هَل تَدري أَهوجُ الجَنائِبِ
تَخُبُّ بِرَحلي أَم ظُهورُ النَجائِبِ
فَما لُحتُ في أولى المَشارِقِ كَوكَبًا
فَأَشرَقتُ حَتّى جِئتُ أُخرى المَغارِبِ
وَحيدًا تَهاداني الفَيافي فَأَجتَلي
وَجوهَ المَنايا في قِناعِ الغَياهِبِ
وَلا جارَ إِلّا مِن حُسامٍ مُصَمَّمٍ
وَلا دارَ إِلّا في قُتودِ الرَكائِبِ
وَلا أُنسَ إِلّا أَن أُضاحِكَ ساعَةً
ثُغورَ الأَماني في وُجوهِ المَطالِبِ
وَلَيلٍ إِذا ماقُلتُ قَد بادَ فَاِنقَضى
تَكَشَّفَ عَن وَعدٍ مِنَ الظَنِّ كاذِبِ
سَحَبتُ الدَياجي فيهِ سودَ ذَوائِبٍ
لِأَعتَنِقَ الآمالَ بيضَ تَرائِبِ
فَمَزَّقتُ جَيبَ اللَيلِ عَن شَخصِ أَطلَسٍ
تَطَلَّعَ وَضّاحَ المَضاحِكِ قاطِبِ
رَأَيتُ بِهِ قِطعًا مِنَ الفَجرِ أَغبَشًا
تَأَمَّلَ عَن نَجمٍ تَوَقَّدَ ثاقِبِ
وَأَرعَنَ طَمّاحِ الذُؤابَةِ باذِخٍ
يُطاوِلُ أَعنانَ السَماءِ بِغارِبِ
يَسُدُّ مَهَبَّ الريحِ عَن كُلِّ وُجهَةٍ
وَيَزحَمُ لَيلًا شُهبَهُ بِالمَناكِبِ
وَقورٍ عَلى ظَهرِ الفَلاةِ كَأَنّهُ
طِوالَ اللَيالي مُفَكِّرٌ في العَواقِبِ
يَلوثُ عَلَيهِ الغَيمُ سودَ عَمائِمٍ
لَها مِن وَميضِ البَرقِ حُمرُ ذَوائِبِ
أَصَختُ إِلَيهِ وَهوَ أَخرَسُ صامِتٌ
فَحَدَّثَني لَيلُ السُرى بِالعَجائِبِ
وَقالَ أَلا كَم كُنتُ مَلجَأَ قاتِلٍ
وَمَوطِنَ أَوّاهٍ تَبَتَّلَ تائِبِ
وَكَم مَرَّ بي مِن مُدلِجٍ وَمُؤَوِّبٍ
وَقالَ بِظِلّي مِن مَطِيٍّ وَراكِبِ
وَلاطَمَ مِن نُكبِ الرِياحِ مَعاطِفي
وَزاحَمَ مِن خُضرِ البِحارِ غَوارِبي
فَما كانَ إِلّا أَن طَوَتهُم يَدُ الرَدى
وَطارَت بِهِم ريحُ النَوى وَالنَوائِبِ
فَما خَفقُ أَيكي غَيرَ رَجفَةِ أَضلُعٍ
وَلا نَوحُ وُرقي غَيرَ صَرخَةِ نادِبِ
وَما غَيَّضَ السُلوانَ دَمعي وَإِنَّما
نَزَفتُ دُموعي في فِراقِ الصَواحِبِ
فَحَتّى مَتى أَبقى وَيَظعَنُ صاحِبٌ
أُوَدِّعُ مِنهُ راحِلًا غَيرَ آيِبِ
وَحَتّى مَتى أَرعى الكَواكِبَ ساهِرًا
فَمِن طالِعٍ أُخرى اللَيالي وَغارِبِ
فَرُحماكَ يا مَولايَ دِعوَةَ ضارِعٍ
يَمُدُّ إِلى نُعماكَ راحَةَ راغِبِ
فَأَسمَعَني مِن وَعظِهِ كُلَّ عِبرَةٍ
يُتَرجِمُها عَنهُ لِسانُ التَجارِبِ
فَسَلّى بِما أَبكى وَسَرّى بِما شَجا
وَكانَ عَلى عَهدِ السُرى خَيرَ صاحِبِ
وَقُلتُ وَقَد نَكَّبتُ عَنهُ لِطِيَّةٍ
سَلامٌ فَإِنّا مِن مُقيمٍ وَذاهِبِ

  • وممّا قاله كذلك يصف حديقة:[٤]
وَصَقيلَةِ الأَنوارِ تَلوي عِطفَها
ريحٌ تَلُفُّ فُروعُها مِعطارُ
عاطى بِها الصَهباءَ أَحوى أَحوَرٌ
سَحّابُ أَذيالِ السُرى سَحّارُ
وَالنورُ عِقدٌ وَالغُصونُ سَوالِفٌ
وَالجِذعُ زَندٌ وَالخَليجُ سِوارُ
بِحَديقَةٍ ظَلَّ اللِمى ظِلًّا بِها
وَتَطَلَّعَت شَنَبًا بِها الأَنوارُ
رَقَصَ القَضيبُ بِها وَقَد شَرِبَ الثَرى
وَشَدا الحَمامُ وَصَفَّقَ التَيّارُ
غَنّاءَ أَلحَفَ عِطفَها الوَرَقُ النَدي
وَاِلتَفَّ في جَنَباتِها النُوّارُ
فَتَطَلَّعَت في كُلِّ مَوقِعِ لَحظَةٍ
مِن كُلِّ غُصنٍ صَفحَةٌ وَعِذارُ
  • وممّا قيل في الطبيعة من شعر؛ ما قاله الشاعر ابن الأبّار:[٥]
زَارَ الْحَيَا بِمَزِارِهِ الْبُسْتَانَا
وأَثَارَ منْ أزْهَارِهِ ألْوَانا
فَغَدَا بهِ وبِصِنْوِهِ يَخْتَالُ في
حُلَلِ النَّضَارَةِ مُونِقًا رَيَّانا
وَيَمِيسُ أفْنَانًا فَتُبْصِرُ خُرَّدًا
تَثْنِي القُدودَ لَطَافَةً وَلِبَانا
وكَأَنَّمَا الأدْوَاحُ فِيهِ مَفَارِقٌ
بِلِبَاسِهَا قَطْرُ النَّدَى تِيجَانا
وَكَأَنَّمَا رَام الثَّنَاءُ فَلَمْ يُطِقْ
فَشَدَتْ بِهِ أطْيَارُهُ أَلْحَانا
مِنْ كُلِّ مُفْتَنِّ الصَّفِيرِ قَدِ ارْتَقَى
فَنَنًا فأَفْحَمَ خَاطِبًا سُحْبَانا
هِيَ عَادَةٌ لِلْمُزنِ يَحْفَظُ رَسْمَهَا
حِفْظَ الأَميرِ العَدْل والإِحْسَانا
أَسْرَى إِلى النِّسْرينِ يُرْضِعُهُ النَّدى
وَيُهِبُّ طَرْفَ النَّرْجسِ الوَسْنانا
وَحَبَا العَرَارَ بِصُفْرَةٍ ذَهَبِيَّةٍ
رَاعَتْ فَتَاه بكمِّهَا فَتَّانا
وَدْقٌ تَوَلَّدَ عَنهُ وَقْدٌ في الرُّبَى
لأَزَاهِرٍ طَلَعَتْ بِهَا شُهْبَانا
تِلْكَ الأَهَاضِيبُ اسْتَهَلَّتْ دِيمَةً
فَكَسَى الهِضَابَ النَّوْرُ وَالغِيطَانا
شَرِقَتْ بِعارِضِها المُلِثِّ وأشْرَقَتْ
للَّهِ أَمْوَاهٌ غَدَتْ نِيرَانا
يَا حَبَّذا خَضِل البَهَار مُنَافِحًا
بِأرِيجِهِ الخَيْرِيِّ وَالرّيْحَانا
وَالآسُ يَلْتَثِمُ البَنَفْسَجَ عارِضًا
واليَاسَمِينُ يُغازِلُ السَّوسَانا
والرِّيحُ تُرْكِضُ سُبَّقًا منْ خَيْلِها
في رَوْضَةٍ رَحُبَتْ لَها مَيْدانَا
هَوْجَاءُ تَسْتَشْرِي فَيُلْقِحُ مَدُّها
هَيْجَاءَ تُنْتِجُ حَبْرَةً وأَمانا
حَرْبًا عَهِدْتُ أزَاهِرًا وَمَزَاهِرًا
أوْزَارَها لا صَارِمًا وَسِنانا
يَغْدُو الحَليمُ يُجَرِّرُ الأذْيالَ مِنْ
طَرَبٍ هُناكَ ويُسْبِلُ الأرْدانا
وكَأنَّما هابَ الغَدِيرُ هُبُوبَهَا
فَاهْتاجَ مِقْدامًا وَكَعَّ جَبَانا
يُبْدِي مُعَنَّاها الثَّباتَ وإنَّما
يُخْفِي جَنانًا يَصْحَبُ الرَّجْفَانا
وَاهًا لَهُ لَبِسَ الدِّلاصَ كَأَنَّما
يَخشَى مِنَ القَصَبِ اللِّدانِ طِعانا
واسْتَلّ مِنْ زُرْقِ المَذانِبِ حَوْلَهُ
قُضُبًا تَرَقْرَقُ كالظُّبَى لَمَعَانا
سالَتْ تَفُذّ الهَمَّ لَيْسَتْ كالتِي
صَالَتْ تَقُدُّ الهامَ والأَبْدَانا
وَكأَنَّما كانُونُ مِمَّا صَفَّ مِنْ
نُورٍ ونَوْرٍ واصِفٌ نِيسانا
قَد حلَّتِ الحَمَلَ الْغَزَالَةُ عَادَةً
خُرِقَتْ وإنْ لم تَبْرَحِ المِيزانا
فِي دَوْلَة أَتَّتْ وفَتَّتْ مِنْ جَنَى
مَعْرُوفها ما نَاسَبَ العِرْفانا
غَرَّاءُ تُطْلِعُ لِلْبَسالَةِ والنَّدَى
وَجْهَيْنِ ذا جَهْمًا وَذا جَذْلانا
لا غَرْوَ أنْ حَسُنَ الوُجودُ فإنَّهُ
لَمَّا أَطاعَ لَها وَخَفَّ ازْدَانا
يا مَصْنَعًا بَهَرَتْ مَحاسِنُهُ النُّهى
فَسَمَا ذَوَائِبَ إذْ رَسَا أَرْكانا
لَمَّا بَنَوْا شُرُفاتِهِ مِنْ فِضَّة
جَعَلُوا أَدِيمَ قِبابِهِ عِقْيانا
سَدِرَ الخَوَرْنَقُ والسَّدِيرُ لِحُسنِهِ
وَأَنَّى لَهُ أَنْ يُنسِيَ الإيوَانا
إِنِّي لأَحْسبُهُ مِنَ الفِرْدَوْسِ مُذْ
أبْصَرْتُهُ لِلْمُتَّقِينَ مَكانا

أقوال عن الطبيعة

بعد الوقوف مع شعر عن الطبيعة مما جادت به قرائح بعض شعراء الأندلس بقي أن يختم هذا المقال ببعض الأقوال التي قيلت عن الطبيعة إن في وصف جمالها وإن في شانها وحضورها في الحياة وفي الأدب، ومن تلك الأقوال التي قيلت في الطبيعة:[٦]
  • "أستطيع أن أقول إنّ أهم ما أثر في مجرى حياتي الكتابية ثلاثة أشياء: أولها النظر إلى جمال الطبيعة، والثاني القرآن الكريم بفصاحته وبلاغته الرائعة، والثالث الحركة الوطنية التي لولاها مابلغت هذه السرعه في التطور الفكري"؛ مي زيادة.
  • "دائمًا ما نجد في الطبيعة شيئًا ونهايته، ولذلك الشيء روعة ولنهايته أيضًا روعة، كل شيءٍ موزون بدقّة تجعلك تؤمن بالله مرات عديد في اليوم الواحد"؛ محمد صادق.
  • "اطلب السعادة في الحقول والغابات، والسهول والغابات، والسهول والجبال، والأغراس والأشجار والأوراق والأثمار، والبحيرات والأنهار، وفي منظر الشمس طالعةً وغاربة، والسحب مجتمعة ومتفرقة، والطير غادية ورائحة، والنجوم ثابتةُ وسارية"؛ المنفلوطي.

المراجع[+]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق