الشعر العربي
عُدّ الشعر ديوانَ العرب وسجلّ أحسابهم وأنسابهم ومستودع حكمتهم وبلاغتهم، واحتل الصدارة بشقيه الفصيح والعامي قبولًا وتأثيرًا، وتدرجت مراحل تطوره بتطور الشعوب العربية، وبحسب اختلاطها بالحضارات الأخرى، كالروم والفرس والبربر وغيرها، واختلفت مستويات الشعر باختلاف مقدرة الشاعر على استخلاص الألفاظ الملائمة للمعنى من ذاكرته الأدبية وترتيبها ترتيبًا بلاغيًّا مستخدمًا أصول هذا العلم للخروج بالشعر في أسمى صوره فنجم عن اختلاف النظم والأسلوب والأوزان والقوافي أنواع الشعر المختلفة فظهر الشعر المعاصر، وشعر الموشحات، والشعر الصوفي، والشعر السياسي، وشعر الغزل العذري، والشعر الوطني، وشعر الأطلال، وشعر الوصف، والشعر النبطي، وكان لكل منها تاريخ نشأته وظهوره، فأما تاريخ الشعر النبطي تحديداً هو ما سيتم تسليط الضوء عليه في هذا المقال.[١]مفهوم الشعر النبطي
هو الشعر المنظوم باللغة العربية المحكية والمعتمد على التفاعل بين الشاعر والمتلقي وهو المتنفس البديل عن صعوبة الفاظ الفصحى وصعوبة معانيها مراعيًا الأنماط والأوزان للشعر الفصيح من حيث الشكل العمودي أو استخدام القافية الواحدة وكمثال عليه قول الشاعر:[٢]يا ونةٍ ونّيتها من خوا الراس
-
-
-
- من لاهبٍ بالكبد مثل السعيره
-
-
-
-
-
- ويونّ تالي الليل يشكي الجبيره
-
-
جفا النَّوم عيني والبرايا هَواجعُ
-
-
-
- خليليَّ قُوما في دجى اللَّيلِ بعدما
-
-
تاريخ الشعر النبطي
عُرف الشعر غير الفصيح في العصر الحديث بأسماء كثيرة منها النبطي، والبدوي والحميني، والملحون، والشعبي، والعامي، ويلقى الشعر النبطي تحديدًا رواجًا وشعبية كبيرة في دول الخليج العربي وما حولها من بلاد الشام، استمرت محاولات تدوينه وتسجيله حفظًا من الضياع إلى القرن العشرين حيث ظهر شعراء مجدّدون منهم من حاول الالتزام بنهج شعراءه الأولين ومنهم من قام بتبسيطه وأفقده الكثير من جزالته.[٤]نشأته
عُدّ ظهور الأعجمية في اللغة العربية وانتشار اللحن والتوليد نواةً لظهور الشعر النَّبطي قديما حيث نفى العديد من الباحثين في تاريخ الشعر النبطي ارتباط ظهوره بالفتوحات الإسلامية واختلاط العرب بالأعاجم، فالشعر النبطي قديم المنشأ قدم العربية وغياب النصوص القديمة منه لا يُبرّر غيابه حيث كان شاعر القبيلة يستخدم لهجة قبيلته ومن دلائل ظهور العجمة على لسان العرب قول امرؤ القيس:[٥]تَـرى بَـعرَ الأَرامِ فـي عَـرصاتـها
-
-
-
- وقيعانها كأنهُ حـبُ فلفلً
-
-
-
-
-
- نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
-
-
-
-
-
- ترائبها مصقولةٌ كالسجنجل
-
-
جذوره
رسخت جذور الشعر النبطي باللغة العربية بدليل استخدام الفصحى فيه وافتخار شعراء النبط بعروبتهم سواء القدماء منهم أو المحدثون، فهم أكثر من استخدموا كلمة عرب بشعرهم، وعليه فهو عربي الصميم ولا يوجد للنبطيين علاقة بتاريخ الشعر النبطي لا من قريب ولا من بعيد على الرغم من التسمية، فيقول الشاعر النبطي:[٧]ياحمود بالله وين شدّوا "عربنا"
-
-
-
- يا حمود ما جاكم من البدو طراش
-
-
أحبك للفرح بايع كثر ماللعنا شاري
-
-
-
- يقوم الحظ لي مرة وهو قاعد على حيله
-
-
الحب أصلًا كذا عنا وبعد وإذا
-
-
-
- هذاك، هذا وذا الكل يشكي الغرام
-
-
أنواع الشعر النبطي
صُنف الشعر النبطي بحسب موضوعاته إلى فن القصيد وفن الرد والحوار، بحيث تناول فن القصيد المدح والرثاء والهجاء ووصف الكرم والشجاعة والفخر والغزل ولكن بلغة عامية وهذا النوع تميز به وأحسنه شعراء الحجاز ونجد وشمال الجزيرة وشرقها وغربها، أما فن الرد والحوار فهو فن يُعرف صاحبه بالذكاء وسرعة البديهة واستحضار الحال والقدرة الفائقة في استعمال الإيحاء والإيماء البعيد للمعنى ومن أشهر شعرائه المعاصرين الجبرتي وابن مسعود ومطلق الثبيتي[٩]، أما بحسب النظم واللهجة وطريقة السرد ومع مرور الوقت وتطور تاريخ الشعر النبطي فقد ظهرت أنواع متعددة منه وأبرزها:[١٠]- القصيدة.
- الشيلة "الرزيفة".
- التغرودة.
- الموال الزهيري.
- الألفية.
- العوبال.
أقدم شعراء الشعر النبطي
مع أنّ الشعر النبطي ارتبط بالأذهان بالبادية إلا أن العديد من أعلام شعراء النبط المعروفين حسب ما ثبت في تاريخ الشعر النبطي هم من حواضر نجد الذين عاشوا في القرن السابع عشر والثامن عشر، تاركين قصائد قيمة ومهمة من الناحية الأدبية واللغوية ومن الناحية التاريخية لسردها وتوثيقها العديد من الأحداث والوقائع في تلك الفترة، مثل:- جعيثين اليزيدي من وادي حنيفة.
- جبر بن سيار الخالدي من بلدة القصب.
- رميزان بن غشام التميمي أمير روضة سدير.
- حميدان الشويعر الذي عاش في القصب واشتهر بقصائد النصح والحكمة وقصائد السياسة والهجاء.
- محسن الهزاني والذي عاش في الحريق واشتهر بشعر الغزل و تميز بإدخال المحسّنات البديعية للشعر النبطي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق