- إن ظاهرة تغيّر ألوان أوراق الأشجار
وسقوطها في فصل الخريف , لهي ظاهرة سنوية مثيرة للإعجاب ,فمع قدوم موسم
الخريف , وانحسار حرارة الصيف يتجلى هذا المشهد السحري الخلاب لسقوط أمطار
من أوراق الشجر الملونة ؛ الحمراء , البرتقالية , والصفراء , لتفرش الأرض
يابسةً ميتة . ولكن لماذا تحدث تلك الظاهرة في المقام الأول ؟
كما هو الحال مع معظم الظواهر الطبيعية في العالم , هناك تفسير علمي لهذا السحر ...
ففي حين أن أوراق الخريف تبدو لنا جميلة بألوانها , إلا أن السبب في تحولها هذ أنها تتضور جوعاً وتموت في نهاية المطاف .
ولكن أولاً لفهم سبب سقوط الأوراق وتغّير لونها , من المهم لنا أن نفهم سبب كونها خضراء في المقام الأول .
في مرحلة ما من مراحل تعليمك من المؤكد
أنك درست عن عملية التمثيل الضوئي في النباتات , وإن لم يكن الأمر كذلك ..
فإليك شرحاً موجزاً :
تحتاج النباتات إلى ثلاثة أشياء لتبقى على قيد الحياة ؛ الماء , أشعة الشمس , وثاني أكسيد الكربون .
يمتص النبات الماء عن طريقه جذوره
الضاربة في التربة , بينما يستخلص ثاني أكسيد الكربون من الهواء عبر ثقوب
صغيرة في أوراق النباتات , والزهور , والفروع , والسيقان , بالإضافة إلى
الجذور .
ويتم امتصاص أشعة الشمس عن طريق مادة كيميائية موجودة في أوراق النباتات تُعرف بالكلوروفيل chlorophyll , وهي عبارة عن صبغة خضراء تقوم بامتصاص الضوء الأحمر والأزرق , وهذا هو السبب في أن أوراق النباتات تكون خضراء .
بمجرد أن يمتص النبات ضوء الشمس , فإنه
يتفاعل مع الماء وغاز ثاني أكسيد الكربون , من أجل انتاج السكريات التي
تُعتبر الغذاء النباتي الأساسي , ثم يتم تحويل تلك السكريات إلى طاقة تمدّ
جميع أجزاء النبات .
ولأن النبات يحتاج إلى الضوء والدفء
لإنتاج صبغة الكلوروفيل الخضراء التي تمتص أشعة الشمس , فإن الكلورفيل يبدأ
في التدهور ويقل إنتاجه عندما تأتي أشهر الشتاء الباردة , وهذا هو السبب
في تغّير اللون الأخضر لأوراق النباتات وبهتان لونها .
وبالإضافة إلى الصبغات الخضراء
للكلوروفيل , فإن أوراق النباتات تحتوي ايضاً على أصباغ صفراء وبرتقالية
طوال الوقت , وترجع تلك الألوان الصفراء والبرتقالية إلى وجود صبغات الكاروتينات - وهي الصبغة المسؤولة عن اللون البرتقالي للجزر واللون الأصفر للذرة .
ولكن في معظم أيام العام الدافئة , يتم
إخفاء تلك الألوان الأخرى بكميات كبيرة من صبغة الكلوروفيل الخضراء التي
ينتجها النبات , وعندما تبدأ درجات الحرارة في الانخفاض , يقل إنتاج
الكلورفيل , مما يُتيح الفرصة لظهور الألوان الأخرى لأوراق النبات .
ولكن هناك أصباغ يتم تخليقها في النبات فقط عند انخفاض درجات الحرارة , ولذا تُعتبر صبغات خاصة , مثل صبغ الـ فلافونويدس - وهو الصبغ المسؤول عن ظهور اللون الأحمر .
وعندما ياتي الخريف بمزيج من أشعة
الشمس والهواء البارد يتم انتاج كمية من أصباغ كهرمانية اللون , كالأرجواني
, وبالتالي فإن قدوم الخريف بأيام مشمسة وليالي بارده من شأنه أن يجعل
أوراق بعض النباتات تتلون بألوان زاهية حمراء إرجوانية , وستختلف درجة
اللون بناءاً على مقدار الرطوبة ودرجة الحرارة ,حيث يمكن للصقيع المفاجيء
أن يعرقل ظهور بعض الألوان بشكل واضح .
وعندما تبدأ الأوراق في الإستعداد
للسقوط قبل مجيء فصل الشتاء , تتكون طبقة من الخلايا على طول قاعدة ساقها ,
وتعمل هذه الخلايا على منع انتقال السكريات من الورقة إلى الشجرة والعكس ,
بينما تختزن الشجرة السكريات
المتبقية لتبقى على قيد الحياة , وتضطر إلى التخلص من أوراقها التي لم تعد
تستطيع انتاج كمية كافية من الغذاء , لكي توفر الغذاء المخزن لحياتها هي .
وبالتالي عندما تتوقف الورقة عن انتاج
الطعام او استقباله من الشجرة , فإن العديد من الأصباغ الموجودة في الورقة
تتحلل , من الأخضر إلى الأصفر والبرتقالي والأحمر والإرجواني , إلى ان يصبح
لونها في النهاية بنياً وتموت .
مصدر المقال / allthatsinteresting
حقوق الترجمة محفوظة لمدونة / عالم المعرفة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق